الغضب حالة تحدث للإنسان لأسباب معينة،وهي تتركز تقريباً في شيئين:
1- الإنسان يغضب بصورة أعمى إذا حدث له حدث معين على غير ما يريد، ولكن غير ما يريد ليس شيئاً واحداً،بل متفاوتاً من شيء لآخر،
2-يغضب الإنسان إذا لم يحدث ما رغب في حدوثه،وأيضاً مدى هذه الرغبة تحدد شدة الغضب،والغضب لا فائدة منه،بل أضراره أكثر من منفعته، وهي واضحة،فهو يذهب بالتوازن الطبيعي للتفكر والتفكير،فيغلب العاطفة والشدة على العقل برزانته وليونته،وهو يعطل تقريباً الاستنتاج العقلي الصحيح،والخضوع لهذا الاستنتاج،وليس بالضرورة أن يكون استنتاجاً محسوساً؛لأن الإنسان قد يستنتج حالات وأفكار دون أن يعي ذلك عن طريق الوعي بمراحل انتقال الاستنتاج من فكرة إلى أخرى، بل يكون الأمر في بواطن النفس،والغضب جند عظيم من جند إبليس،وهو يفسد إيمان المؤمن،والمؤمن يغضب لأنه إنسان،ولكن بسبب تركيبته النفسية الصحيحة لا يكون الغضب طاقة عشوائية تجري بلا بصيرة ودون هدف،وإنما تتحول إلى طاقة في موارد صحيحة لدفع الأمر غير المرغوب فيه، فالإنسان إذا ضرب طفله في حالة الغضب فإنما يتبع الشيطان ورغبة النفس في هذه الحالة،فلا يكون غضبه هذا موجهاً وهادفاً،ولكن إذا ضربه بعد أن تهدأ نفسه وبحدوده الشرعية الذي حثنا عليها الإسلام وبعد استنفاد الوسائل الأخرى،كان غضبه موجهاً،وذا هدف صحيح، وهناك مثال تاريخي مفيد في هذا الأمر،وهو مانقل من أن علي بن أبي طالب( ع)ابتعد عن أحد أبطال المشركين وهو عمرو بن ود،ولم يقتله لأنه شعر أن قتله سيكون غضباً وانتقاماً لنفسه،ولكن بعد أن هدأت نفسه كان غضبه لله موجهاً، أما إذا لم يكن كذلك،أي لم يكن هدفا صحيحا بتوجه إليه الغضب،فإن المؤمن لسعة صدره وإيمانه بالله قلباً وقالباً فإن عقله يحتوي هذا الغضب،وفي هذه الحالة سيكون مردوده النفسي عليه نضجاً واسعاً في العقل،ومرجلة سامية من السيطرة على النفس،أما الهدف الصحيح للغضب فينبغي أن يكون مما يغضب الله،وما بغضب الله -سبحانه وتعالى- هو أن تنتهك الحرمات مثلاً أو يظلم الإنسان وما شابه هذه الموارد.
إذا كان الغضب لا فائدة فيه إلا إذا وجهت طاقته إلى هدف صحيح،دون أن يكون لمجرد إفراغ هذه الطاقة هدراً أو تبعاً للشيطان،ففي هذه الحالة،لا يكون غضبه موجهاً وهادفاً، فإذا كان الغضب مضراً ،كان المناسب أن يبحث الإنسان عن وسائل لتهدئة نفسه،والذي فهمناه من مصادر الدين أن ما يساعد على ذلك هو الابتعاد مباشرة عن سبب الغضب،إن كان شخصاً الابتعاد عنه فوراً إذا أمكن ذلك،وتحمل الموقف والابتعاد،وأما إذا لزم الأمر المواجهة، فهذا موضوع آخر،وإن أمكن فتغيير الموضوع المثار والانشغال فكراً بأشياء أخرى، وطبعاً قبل ذلك ذكر الله،إلا أننا ذكرنا في أن يذكر الإنسان ذكر الله تعالى عند الغضب،أنه في بعص الأحيان وهذا أمر مهم ومحير،لا يستحب ذكر الله،لئلا يؤدي إلى نتيجة عكسية، فيأثم الشخص نتيجه لغضبه ويتوجه إلى الدين وإلى الله بأفكار أو ألفاظ أو حالات نفسية معينة فيها نوع من التقصير أو الحرمة،ويذكر الله إذا كان مستعداً لذلك، ومتجاوزاً للمرحلة الآنفة،والحوقلة هي الأولى بالقول منذ بداية الأمر،ويستحب الاغتسال والتعوذ من الشيطان وشم الهواء الصافي،ويستحب النظر إلى الخضرة المطلقة،وعند بعض الأشخاص ممن لديهم هذه القابلية يستحب النوم عند الغضب.
وعن الإمام الباقر(ع) قال:(من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب حرم الله جسده على النار).
وهنا ينبغي في حالة الغضب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغضب من المنكرات، وعن رسول الله(ص) أنه قال:(الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل) إذن الغضب مفتاح كل شر،ما من عبد كظم غيظاً أو غضباً إلا زاده الله عزاً في الدنيا والآخرة،ومن كظم غيظاً أو غضباً وهو قادر على إنفاذه ملأه الله أمناً وإيماناٍ.
فانظر أيها المؤمن إلى المردود العظيم لكظم الغيظ أو الغضب ( الأمن والإيمان) فكظم الغيظ أو الغضب مطلقاً هو كالخير مطلق.