.
حيث تزاحم الأهواء وضيق الأنفس
والشهقات الغصة بحكايا الزمان
وحين ألتفت يميناً وشمالاً باحثة عن متنفس
أجدك أنتَ هنا !
تضج حياتنا بالأحداث اليومية منذ أن تدق عقارب الساعة بنغمة رنين وقت العمل في كل صباح حتى يستيقظ الفكر على أحاديث النفس ومشاورات العقل والجسد في قائمة مهامٍ تطول جدولتها بعدد ساعات اليوم بين أعمال مؤجلة تنتظر أن تُنجز وأعمال أخرى قد حان إنجازها وهكذا تدور بنا هذه الأحداث مدار الرحى كالمتجول في ممرات أحد المجمعات الكبيرة إلى أن يقرأ عبارة ( أنت هنا ) في لافتة وُضِعت في وسط ذلك المجمع ليقف قليلاً ويرى موقعه الفعلي ومن ثم يفكر ملياً أين سيذهب أو يأخذه فكره بالتوقف قليلاً لأخذ قسط من الراحة .
هكذا تمتد بنا الأشهر حتى تخبرنا بموقعنا في يوم من أيامها وساعة من ساعاتها وتقول لنا ( أنتَ هنا ) في اليوم الثالث عشر من شهر رجب وفي ساعات الفجر الأولى منه وفيه مناسبة ولادة ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولى الموحدين وخير الوصيين الإمام علي عليه السلام في أشرف بقعة من الأرض وهي الكعبة الشريفة .
فخذ من زاد هذه المنطقة الكثير ففيها من المناهل التي إن تحركتَ عنها ولم تأخذ منها شيئ فاتك ما فات قبلك ممن لم يكترث بها, علي ابن أبي طالب الذي قال عنه الدكتور طه حسين ( كان الفرق بين علي ( عليه السلام ) ومعاوية عظيماً في السيرة والسياسة فقد كان علي مؤمناً بالخلافة ويرى أن من الحق عليه أن يقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس أما معاوية فإنه لا يجد في ذلك بأساً ولا جناحاً فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون وكان الزاهدون يجدون عند علي ما يحبون )
وكذلك قال عنه خليل بن أحمد الفراهيدي صاحب العروض ( احتياج الكل إليه وإستغناؤه عن الكل دليل على أنه إمام الكل )
وقال في حقه الفخر الرازي ( ومن اتخذ علياً إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه ) , والكثير ما قيل في حقه مما لا تسعه الأسطر هنا لسردها ناهيك عن وجوده ليس فقط كأحرف بين أسطر آيات الذكر الحكيم وإنما كنبراس في الحياة فالكثير من الايات والسور حكت عنه سلام الله عليه كآية التصدق بالخاتم والمباهلة والآية التي نزلت في حقه ليلة مبيته في فراش النبي عليه الصلاة والسلام والكثير الكثير من الايات, والتي يُتخذ منها منهاج للحياة والاخرة .
بعد كل هذا ألا تستحق منطقة يوجد بها الامام علي أن نكون نحن كذلك ضمن نطاقها ؟
وما أجمل أن نتوقف عندها ونحتفل بذكرى مرورها علينا في كل عام ولا عجب ولا غرور أن نلهج بذكر علي عليه السلام فذكره عبادة كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ذكر علي عبادة ) بل محطة تقف فيها حيث هو فيها من الجميل أن نكون أنا وانت فيها .