وسميت بهذا الاسم نسبة إلى هجر بنت المكفف من الجرامقة , وقيل هو مأخوذ من (هجرة البعير) إذا ربطته ، وقال الهمداني : ( الهجر: القرية بلغة حمير والعرب العاربة , فمنها هجر بالبحرين وهجر جازان , والمنسوبة إليها هجري ) , وقد جاء في الحديث ذكر القلال الهجرية وأنها كانت تجلب إلى المدينة من هجر فلما انقطعت عدمت .
وكانت مدينة هجر أعظم مدن البحرين , وكان بها عياش المحاربي وكان أعظمهم عدة وأشدهم شوكة , وكان لعياش هذا شهرة ذائعة الصيت في المنطقة حققها بعد انتصاره الكبير هو وزعيم جواثا العريان بن إبراهيم بن الرجاف العبدي على صاحب الزنج في وقعة عرفت في تاريخ البحرين باسم ( وقعة الردم ) الذي ذكرها المسعودي في كتابة ( التنبيه والأشراف ).
وكان عياش بن سعيد المحاربي ملكا على هجر, وكان منزله بالجبل المعروف بالشبعان (القارة) من جبال هجر وهو في وسطها تحف به أنهارها وبساتينها ، ولأهمية هذه المدينة التاريخية كان ملكاً عليها قبل ظهور الإسلام بقرن من الزمان من قبل التتابعة ( الجون الكندي ) ، بـل أن جده لأبيه الحارث بن عمرو بن حجر الكندي كان ملكاً لهجر والمشقر من قبل خاله حسان تبـع .
قال الرحالة ابن بطوطة عن رحلته إلى مدينة هجر: ( ثم سافرنا إلى مدينة هجر وتسمى الآن بالحسا وهي التي يضرب المثل بها فيقال كجالب التمر إلى هجر و بها من النخيل ما ليس ببلد سواها ومنه يعلفون دوابهم وأهلها عرب وأكثرهم من قبيلة عبد القيس بن أفصي ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قلال هجر :( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثاً ) لأن سعتها خمس مئة رطل ومن عجائبها من سكنها عظم طحاله.
ومن فضائل (هـجـر ) ما رواه المفسرون في قوله تعالى: ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) , فقد ذكر بعض المفسرين أن الذين أسلموا طوعاً في السماء هم الملائكة , والذين أسلموا في الأرض طوعاً هم الأنصار وعبد القيس ( الأحساء ) , وأضاف الطبري عليهم بني سليم .
وفي رواية أخرى نقلا عن كتاب ( هجر وقصباتها الثلاث ) للباحث عبد الخالق الجنبي وهو ينقله عن كتاب ( أنوار البدرين ) للشيخ علي البلادي البحراني وهو ينقله عن كتاب ( نفس الرحمن في فضائل سلمان ) للميرزا حسين النوري الطوسي ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لو كان العلم في الثريا لتناولته رجال من فارس , ولو فقد الإسلام من الدنيا لوجد في هجر ) .
وجاء أيضاً في فضل هجر أكثر من ذلك ففي رواية ذكرت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري عن النبي صل الله عليه واله وسلم أنه قال : ( رأيت في المنام أني مهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي ( وهمي ) إلى اليمامة أو هـجـر فإذا هي المدينة يثرب ) ، وقال حديث صحيح ، نقلاً عن كتاب ( تاريخ المدينة المنورة ) للإمام الحافظ محمد البغدادي المعروف بابن النجار المتوفى سنة ( 643هــ ) .
كما ذكر البيهقي حديثاً آخر بإسناد إلى سعيد بن المسيب عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :( أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرتين فإما أن تكون هجر أو تكون يثرب ) ، كما جاء في كتاب ( البداية والنهاية ) لأبن كثير ، ما رواه البيهقي والترمذي في المناقب من جامعه عن أبي عمار الحسين بن حريث عن الفضل بن موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبدالله العامري عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الله أوحى إلي أي هؤلاء البلاد الثلاث نزلت فهي دار هجرتك ، المدينة أو البحرين أو قنسرين ) .
فلم يقتصر فضل هجر على ذلك فقط ، بل أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وناصره قال في إحدى قصائده المذكورة في ديوانه والتي مدح فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو متألم من تصرفات قومه في شعب أبي طالب عندما كتبوا الصحيفة التي أكلتها الأرضة والتي ذكر فيها بيت الشعر التالي :
إن ينصره الله الذي هو ربـه
بأهل العـقير أو بسكان يثرب
وهذا ما يدلل على أن أهل العقير ( أهل هجر ) وأهل المدينة الأنصار سوف ينصر الله بهم نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا ما تنبأ به أبو طالب قبل هجرة النبي بسنوات .
6 / 6 / 1436 هـ
التعليقات 1
1 pings
غير معروف
2015-03-29 في 3:40 م[3] رابط التعليق
اسلم بوكميل هذا المقالات الي يشتهي الواحد يقراه أرجو منك المزيد والله يوفقك ويسدد خطاك