ورد عن الإمام السجاد (ع): (..وطهرني بالتوبة، وأيدني بالعصمة، واستصلحني بالعافية...).
ما أجمل هذا السفر التهذيبي وقبس النور المضيء في عتمة دروب الحياة لمن يطلب الصحة في الدين والسلوك من لوثة الشهوات والأمراض الأخلاقية.
في هذا النص الشريف من دعاء مكارم الأخلاق الوارد عن الإمام السجاد (ع) يكشف لنا تلك الجهود العظيمة التي بذلها في سبيل توفير المنهج التربوي للسلوكيات والغرائز عند الإنسان، بما يضعه على سكة بناء الشخصية التكاملية المبنية على التحلي بالفضائل وجني نقاط القوة وتنمية الإمكانات المتاحة عنده من جهة، وبما يجنبه ويلات السقوط في الآفات والأمراض الأخلاقية الفتاكة والتي توهن النفس البشرية وتصيبها بالضعف أمام الصعاب في ميادين الحياة، سواء كانت تلك المتعلقة بطريق القرب من الله تعالى والأنس بحبه وعنايته، المعرقلة لمسيره التكاملي والمسقطة له أرضا وهي المعاصي والآثام التي تزينها النفس الأمارة بالسوء والشيطان المريد، فمن لا يمتلك حصانة تمنع من انتشار الوباء في نفسه فبالتأكيد سيكون ضحية وفريسة سهلة للعدو الثلاثي (الأهواء- النفس الأمارة بالسوء- الشيطان)، وأما الحصن الحصين وهو لبأس التقوى والورع عن المحارم للشعور برقابة الله تعالى عليه في كل أحواله فيحجم ويتوقف عن الاستجابة لهتاف الذنوب، وخصوصا إذا كانت الدار الآخرة وما يواجهه الإنسان من عقوبة على ما تقترفه يداه حاضرا في ذهنه، فيتصور المعصية وكأنها جمرة يحاول القبض عليها بيده فيخاف من الاحتراق ويمتنع عن ذلك، فهو حينئذ قد ازداد يقينه وتمكنت ملكة التقوى من نفسه فانعكست طهارة وعفة في جوارحه.
وهكذا نجد أن الارتباط بالله تعالى والوقوف بين يديه ومناجاته وتوجيه بوصلة العقل والوجدان اتجاه طلب رحمته ومغفرته يصنع الشخصيات الإيمانية، وهذا ما كان يستهدفه الإمام السجاد (ع) من مدرسته في الدعاء.
والإنسان مع كل تلك الحيطة والحذر من الوقوع في شراك الشيطان، ولكنه قد يقع في لحظة غفلة وتجرؤ على ارتكاب المعصية بعد أن أصابته نفسه الأمارة بالسوء في مقتل إذ استجاب لإحدى غرائزه وتحركت جوارحه نحو المخالفة، وهنا يضع لنا الإمام (ع) العلاج الشافي لهذه الحالة في سبيل التخلص من سموم المعصية، إنه إعلان التوبة والرجوع إلى الله تعالى وإبداء الندم والتحسر على ما فعله من سوء، ويشد الهمة نحو تجنب هذا الإثم مستقبلا من خلال التعرف على العوامل المؤدية لارتكابه وتفادي الوقوع فيها مرة أخرى، نعم هذه طريقة تطهير وتنزيه النفس الإنسانية من لوثة الشهوات وآثار الذنوب، وإلا فإن التهاون في المعالجة والمرور على الموقف بندم آني يتلاشى سريعا سيؤدي إلى استيطان جنود الشيطان في نفسه ونفث سمومهم الأخرى وإغرائه على المخالفة مجددا، وإنما هي التوبة النصوح التي تتجذر في النفس وتقوى كلما تذكر أنه تحت الرقابة الإلهية.
فمن أصاب الذنب ووجد نفسه قد تلطخت بالآثام فلا ييأس من رحمة الله تعالى أن تتلقفه وتعيد له نورانية القلب مجددا، وفي المقابل فإن ارتكاب الذنب ليس بالأمر الذي يتهاون معه ويمر عليه مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث، فتحقير ارتكاب الذنوب هو أحد فخاخ الشيطان الرجيم وحفر مكره التي يسول بها لمن ندم على اقترافه السيئة، ولا يسود وجه الشيطان إلا عودة العاصي إلى رشده العقلي واستقامته العملية من خلال تطهير نفسه من لوثة الذنوب، والإسراع والمبادرة إلى ساحة التوبة ونورانية الاستغفار، فالنفس تصاب بالعتمة بعد ارتكاب المعصية وتحتاج إلى سراج التوبة ليبدد الظلام عن جنباتها.
والتأييد الإلهي بالعصمة لنا لا يعني المنعة الإجبارية والتوقف دون اختيار عن ارتكاب المعصية، وإنما هو ذلك التأييد والمعونة الإلهية لذلك العبد الطالب لصلاح وتهذيب نفسه وطهارتها من نجاسة وأوساخ المعاصي، فمن جهة العبد تظهر الجدية والعمل المستمر على الحفاظ على صفاء ونقاء سريرته والحرص الشديد على البقاء بعيدا عن موارد ومواطن المعصية، وهذا الجهد الكبير الذي يبذله (جهاد النفس) طريق شاق ويتحمل فيه المتاعب، فإن للمعصية رونقا زاهيا يجذب النفوس الضعيفة ويغريها، فيطلب من الله تعالى أن يمده بالصبر والعناية.
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-04-25 فتح باب التسجيل بمدرسة المعتصم بالله الإبتدائية للتعليم المستمر للعام الدراسي الجديد 1447هـ
- 2025-04-25 “الأرصاد”: توقعات بأمطار على 8 مناطق
- 2025-04-25 وقاء ترصد انتشار حشرات في مواقع متفرقة بالسعودية: خنافس لا ضرر منها
- 2025-04-24 ظهور هالة شمسية جوية عملاقة في سماء الجنوب السعودي
- 2025-04-24 ”إنستقرام“ تطلق تطبيق ”Edits“ المستقل لتحرير الفيديو
- 2025-04-24 “الكنة” تبدأ الثلاثاء المقبل وتعلن بداية التحوّل نحو حرارة الصيف الشديدة
- 2025-04-24 الملك سلمان يوافق على منح ميدالية الاستحقاق لـ 102 مواطن ومقيم لتبرعهم بالدم 50 مرة
- 2025-04-24 مركز إكرام الموتى بالمنيزلة يطلق مبادرة تطوعية لتنظيف مرافقه
- 2025-04-24 الحاج «علي جواد الأحمد» في ذمة الله
- 2025-04-23 عطل في تطبيق سناب شات
السيد فاضل علوي آل درويش
الألق في حركة الإمام السجاد التبليغية (٤)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.aldeereh.com/articles/87786.html