انتشر في مجتمعات وسائط الأعلام الجديد (الفيس بوك، تويتر، الانستقرام وغيرها) مرض وخيم يشوه الحاضر وربما يدمر المستقبل ، نشبت مخالب المرض وظهرت سطوته ولاحت اعراضه في التدهور الثقافي والتدني الملموس في مستوى النقاشات والتعاليق وانحدار كثير من المثقفين في متاهات ومهاترات اختلط فيها الحابل بالنابل وغابت المصداقية وفشل التميز بين العالم والجاهل والمعلم والتلميذ والصالح والطالح حيث لا تخلو كل هذه الشرائح من صغر في العقول وسفاهة في التفكير وطول في اللسان وسذاجة في فهم الأمور ..
أنصاف المثقفين تبوءوا المقاعد العليا في هذه المجتمعات ليشكلوا وجه المستقبل القادم بثقافتهم القاصرة المتخبطة، هم إفراز جديد من مثقفين في الجهل يكتبون ما لا يفهمون و يتحدثون في ما لا يعلمون والخوض في حواراتهم أشبه باستفزاز الثعبان الاسود في جحره وفي المقابل يبقى المثقف مختبئ خلف هذه الشاشات يطلق عنان قلمه في دهاليز هذا الاعلام متهما المجتمع بالجهل دون حراك ودون اجتهاد وودن تقديم حلول عملية وإيجابية لتغيير هذا الوضع القائم فينطبق على المثقف الحقيقي جاهلا في كيفية التواصل مع المجتمع والتأثير فيه ..
أفق هذه الوسائط الاعلامية يفتقر لضوابط السيطرة وضبابية في حدود حرية التعبير تاركا المجال مفتوحا لكل من هب ودب يشطح ويمرح ، لعب وشعوذة ودجل وضحك على الذقون لا يدخل بلاط المنطق والمفاعلات العقلانية والنتيجة حالة من التخبط في ثقافة النشر ، البعض يرى أنها بادرة نهاية عصور الظلام والكبت لحرية التعبير فهل من أساليب جديدة وأفكار عميقة تؤثر في المجتمع وتخلق ثقافة حقيقية يفهمها الجميع !!
وسائط الاعلام الجديد ليست الفضاء الصحي وليست المنبع ولا المورد الصحيح للانتقادات السلبية والحوارات المتدنية مضمونا وأسلوبا دون وضع الحلول فذلك لن يغير الحال ومسؤولية التغير على هذه الصفحات تقع على عاتق مثقفي المجتمع لدك حصون الجهل المدعق بالنصح والارشاد وتصحيح الاخطاء وقول الحق بصوت عالي مسموع للحد من تفشيه وترك الاعتبارات الشخصية وعدم التصفيق لمواضيع لا تخدم المجتمع ، مجاراة الخطأ جرم بحق أنفسنا وقيمنا وأخلاقنا ومجتمعاتنا وجر متابعينا للهاوية ومن باب اولى الاخذ بيد الجاهل ونصحه لمخالطة الشريحة المثقفة الصادقة لبلورت لغته ، الاختلاف على هذه الصفحات أمر طبيعي ومخاض صحي كفيل بفرز الغث من السمين حينما يتصدى مثقفي المجتمع وأصحاب الوعي لإعادة البوصلة بالتفاعل الايجابي والعطاء بأسلوب راقي محترم يحفظ كرامة الغير ويشجعهم في تقبل ما يطرح وعدم التقليل من قيمهم ومراعاة الفئات العمرية والبيئات المختلفة لتصبح هذه المجتمعات (وسائط الاعلام الجديد) منبر للتوعية والاصلاح وتبني الآخر كلا حسب اختصاصه وقدرته ..