كيف بدأت قصة الزواج الجماعي؟ ولماذا نشأت فكرته وتناقلتها المجتمعات؟ وطبقها البعض واستمر في تطبيقها سنوات وسنوات؟
ما الذي تحقق من وجود زواج جماعي تلك المناطق المطبقة له؟ وما الذي لم يتحقق بوجوده؟
هل ايجابياته شملت العرسان الذكور والإناث؟ أم تفوق أحدهما على الآخر في الايجابيات أو السلبيات؟
كلها تساؤلات قد ترد على كل من يعيش مثل هذه المناسبات ويحظى بأن يكون فرد من مجتمعاتها المطبقة لها، الليلة عرس جماعي في بعض القرى والمدن الشرقية بمحافظة الأحساء، عادة دامت واستمرت عام تلو عام تحصد منافع وايجابيات ولا تخلو من سلبيات.
توقفت الزواجات الجماعية رسميا فقط في سنوات "كوفيد 19" من قبل المعنين والمختصين لما آلت إليه الظروف في تلك الأعوام 2019-2020-2021-2022م ليعود هذا الموسم وهذا العام، تحتفل فيه الكثير من الأسر والعائلات بكثير من العادات والتقاليد المتشابهة والمختلفة والمتقاربة بين المجتمعات.
المنيزلة واحدة ممن سيحتفلون هذه الليلة 21/10/14444 - 11/5/2023 م، وقد كان أول زواج جماعي أقامته في عام 1415هـ وكان عدد المتزوجين فيه 15 عريس وعروسة، كتجربة أولى كانت ناجحة بمقاييس جيدة يحكي عنها كل من شهدها وعاش تفاصيلها آنذاك. وتوالت بعدها الأعوام في كل عام يقام الحفل الكبير بعدد مختلف من العرسان والعروسات.
كل عام كان يتطور، تحصى ايجابياته لتعاد وتكرر وتحصى سلبياته لتتفادى وتغير في الأعوام القادمة، وبعض النظر عن فكرة أن الزواج الجماعي يختصر الجهد المهدور والمال المبذول فيما لو كان كل عرس أقيم كحالة خاصة ومفردة، فهو واحد من الفعاليات التي تحمل على عاتقها لبنة اجتماعية ثقيلة من العيار الأول، فلم تعد الزواجات الاجتماعية مجرد حفل عرس يختصر مثلما ذكرنا جهد ومال ووقت، بل أصبح يطلق عليها مهرجانات تقدم فيها الكثير من الفعاليات.
ولأن الفكرة تبلورت وكبرت فأصبحت من مسمى احتفال عرس إلى مهرجان زواج فالفعاليات تأخذ تحضر متجددة عام تلو آخر، كاستعراض الفرق الإنشادية والمسرحيات الاجتماعية الهادفة والتي تمرر رسائل إيجابية للمجتمعات والأفراد، وكذلك دور الإعلانات والنشر والمراكز الصحية والمحلات التجارية وغيرها كثير ممن يحظى بمساحة على أرض هذا المهرجان لأن يقدم ما لديه فتظهر ليلة واحدة في السنة ظهورا مختلفا تحمل طابعا جديدا يحفر في ذاكرة العريس وأصحابه وذاكرة أبناء المجتمع جميعهم صغيرا وكبيرا.
تبقى فقط قصة أن هذه المهرجانات بكل ما فيها من فعاليات قد صممت إلى وقتنا الحالي بحلة ذكورية فقط، أي أنها لم تشمل إلى الآن الجانب النسائي، أي أننا لم نشهد منذ أن تأسست الزواجات الجماعية في بعض مناطقنا هنا في المملكة العربية السعودية، أن يكون العرس أيضا جماعيا بالنسبة للنساء المتزوجات، بل تفضل كل عروس أن تكون لها ليلتها ومكانها الخاص الذي تحتفل فيه بزواجها، فبعد أن يقام ذلك المحفل الكبير العام والشامل لكل عرسان البلد يتفرق كل واحد منهم إلى مقر حفل آخر تقيمه العروس وأهلها وصديقاتها ومقربيها، لتبدأ حفلة أخرى من نوع آخر.
وهنا البعض يطرح التساؤل مرة أخرى على العامة، هل قلص الزواج الجماعي تكاليف ليلة الزفاف حقا؟
ما يُرى على الساحة الاجتماعية الواقعية تقول "نعم" لقد خفض نوعا ما من التكاليف والنفقات وعليكم "الحسبة" والمقارنة بين التكاليف المادية بين عرس مفرد وآخر جماعي، قد لا يكون الفارق كبير بالحد الذي نقول خفض بشكل كبير، ولكن لا نستطيع أيضا ألا نقول أن واحدا من ايجابيات الحفل الجماعي وإن كان من جانب الرجال فقط فهو بالفعل ذو تكاليف ونفقات أقل بكثير من الحفل المفرد.
وعلى الصعيد العاطفي واللحمة الاجتماعية والألفة التي تشاهد بين أبناء البلد والمنطقة في مثل هذه المهرجانات تتواجد فرحة عامة تشعر بها القلوب وتلمسها الأرواح، فرحة تتلاقى فيها الدروب في مكان واحد ووقت واحد، ينسى فيها الجميع ولو بشكل مؤقت بعض من همومه أو مشاغله، ويعتبرها محطة استراحة من تعب الأيام وانهاك الأعمال ومشاغل الحياة.