إن تأثير المرض النفسي لا يرتبط فقط بالشخص المصاب بل له تأثير على العائلة التي يتوارث بينها هذه الحالة النفسية التي يحملها كل مصاب في الأسرة سواء كان عم أو خال أو أب أو أم أو أبناء من نفس الأسرة التي تعاني من تاريخ مليئ بالعنف والاضطرابات العصبية والانفعالات الناتجة عن تصادمات وخلافات تجعل هذه الأسرة يكون لديها ضعف في تحقيق التقارب والتواصل فيما بينها.
فمثلا هناك بعض الأبناء أو العوائل التي قد تحدث بينهم مشاكل وفي نهاية المطاف مع مرور الزمن وتحمل المسؤولية والصعوبات التي يواجهونها تجعلهم يحلوا مشاكلهم بكل أريحية، ولكن في جانب آخر هناك أسرة لا تستطيع أن تهيئ للأولاد والبنات البيئة المريحة التي تجعلهم يشعرون بالهدوء والسكينة وكل ذلك بسبب وجود ما يعطل الحركة والتواصل بينهم، وطبعا يكون يكون ذلك بسبب وجود المرض النفسي المتوارث بين هذه الجماعة المخيفة التي لديها خوف من مواجهة هذا الهاجس المقلق.
وكل عائلة على مستوى كل مجتمع وبلد لديها صفة أو سلوك أو تصرف ينتج عنه جمود في الشخصية التي تتصف بعدم القدرة على التغيير والتطور في مختلف الجوانب، فمثلا عندما يكون المجتمع والمربيين غافلين عن الاهتمام والدعم المعنوي للأبناء في فترة الصغر، بهذا الأمر تسبب لهم مثل هذه الحالة في المستقبل أمراض وتهيجات عاطفية وعصبية وأفكار مقلقة تؤدي للبقاء في دائرة الخوف من الكلام والنقد الذاتي الصادر من الآخرين.
والإنسان الذي لا يتلقى دعم واهتمام من قبل الوالدين أو المجتمع يبقى في دائرة ضيقة لفترة طويلة من الزمن مما يسبب له ذلك ضعف في القدرة على التأقلم مع الصعوبات التي لها هدف في التقيد بالانعزال عن التواصل مع الناس والأسرة على مستوى العالم الخارجي أو الاجتماعي، وفي هذا الجانب يصبح الإنسان مصابا بحالة الشك الزائد فيمن حوله بسبب هذا المرض النفسي الذي يعشعش على حياته ويخلق له ارتباكا وخوفا، وبالتالي يجعله يفشل في تكوين العلاقات مع البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها البشر بصورة عامة.
ولا ننسى أن الفرد الذي يعاني من مرض نفسي يتعرض في مجتمعات معينة لثقافة الوصمة الاجتماعية، وهي التي تكون سببا في عدم تحقيق إنجاز من قبل أي كائن بشري على الكرة الأرضية، بمعنى آخر كل إنسان يتعرض للوصمة التي تبين التنمر والتعرض للأذى والتحبيط المعنوي عندما يستقبل مجتمعا آخر يتصف بهذه الثقافة المريضة التي تجعل الناس لا يتعارفوا ويتواصلوا مع بعضهم البعض؛ بسبب الخوف من ذلك المريض أو عدم معرفة كيفية التعامل معه، مما يسبب لهم ذلك ربكة تجعلهم يتشاجروا لفترة طويلة من الزمن وبهذا يعجزوا عن حل هذه المشكلة الكبيرة.
وللتوضيح معنى الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي هي: أن يكون هناك عنصرية وحركات وتصرفات وسلوكيات عدائية وعنيفة وخطيرة ومثلا صادرة من جماعة محددة تجاه الأفراد الذين يعانون من مرض نفسي، ومن هذه الزاوية تحدث مشاكل بينهم بسبب السلوك المتهور والطائش الذي تتبعه الجماعة الأخرى الموجودة في مجتمع محدد، وهو ذلك السلوك المريض الذي يخلوا من الدعم والتعارف وتعزيز الحوار والنقاش مع الأشخاص المعرضين للوصمة.
وحتى تتعامل كل عائلة ومجتمع مع هذه الحالة السيئة يتطلب ذلك جهدا متواصلا يساهم في وجود شخصيات مسؤولة ومرشدة لها هدف في تهيئة أجواء التفاهم والحوار بين الأفراد المعرضين للوصمة والمجتمعات التي تكون معادية لهذه الطبقة التي تعاني معوقات نفسية واجتماعية.
- من بعض آثار المرض النفسي والبيئة العائلية والاجتماعية السيئة هي:
1- انتشار الجرائم والاعتداءات اللفظية على نطاق واسع.
2- توسع السلوك العدائي بين الناس، وبالتالي يضعف بينهم التفاهم والاتفاق على مواجهة وحل أي مشكلة تتعرض لها كل جماعة محددة.
3- تراكم المخاوف والاضطرابات النفسية التي تجعل الطبقة المعرضة للوصم تخشى التواصل مع المحيط الاجتماعي أو البيئة التي تسبب لها أذى معنوي.
4- إصابة المجتمع والعوائل بمرض نفسي بسبب تكاثر السلوك العدائي والعنيف الذي يكون بين الطبقة المصابة بالمرض النفسي والطبقة الأخرى التي تستقبلها بالعنصرية والإقصاء.