اكتشف باحثو معهد سالك Salk مسارًا جزيئيًا يختزل المرئيات والأصوات والروائح التي تنطوي على تهديد في رسالة واحدة، تقول: كن خائفًا / ابقى بعيدًا. جزيء يسمى بـ CGRP يمكِّن الخلايا العصبية في منطقتين منفصلتين من الدماغ من جمع الإشارات الحسية المهدِّدة (تنطوي على تهديد) في إشارة موحدة، ووسمها برسالة سلبية ونقلها إلى اللوزة الدماغية، والتي تترجم هذه الإشارة إلى خوف.
المناطق الفرعية للوزة الدماغية، والتي تعتبر مركز الانفعالات (المشاعر) في الدماغ(1)] تتلقى إشارات وقرائن تنطوي على تهديد من مناطق الدماغ المختلفة، بما فيها جذع الدماغ.
البحث الذي نُشر في دورية تقارير الخلية Cell Reports في 16 أغسطس 2022(2)، قد يؤدي إلى علاجات جديدة للاضطرابات المرتبطة بالخوف، مثل اضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD)(3) أو اضطرابات فرط الحساسية(4)، مثل التوحد والصداع النصفي والألم العضلي الليفي (الفيبروميالغيا)(5).
"مسار الدماغ الذي اكتشفناه يعمل كنظام إنذار مركزي،" كما يقول كبير المؤلفين سونغ هان Sung Han، الأستاذ المساعد في مختبرات مؤسسة كلايتون Clayton لـ بايلوجيا الـ بيبتايد Clayton Foundation Laboratories for Peptide Biology، التابعة لمعهد سالك.
"كنا متحمسين لاكتشاف أن عصبونات الـ CGRP تُنشط عن طريق إشارات حسية سلبية عبر جميع الحواس الخمس - البصر والصوت والذوق والشم واللمس. التعرف على مسارات التهديد الجديدة توفر نظرة ثاقبة في علاج الاضطرابات المرتبطة بالخوف ".
معظم التهديدات الخارجية تتضمن إشارات وقرائن (مدخلات) من حواس متعددة، ومن أمثلة هذه الاشارات والقرائن: الحرارة والدخان ورائحة حرائق الغابات. أظهرت الأبحاث السابقة أن المسارات المختلفة تنقل بشكل مستقل الإشارات والقرائن الصوتية والبصرية واللمسية المنطوية على تهديد إلى مناطق متعددة من الدماغ. المسار الوحيد الذي يدمج كل هذه الإشارات والقرائن من شأنه أن يكون مفيدًا للبقاء على قيد الحياة، لكن لم يكتشف أحد هكذا مسارًا على الإطلاق.
أظهرت الأبحاث السابقة أيضًا أن اللوزة الدماغية، التي تبدأ الاستجابات السلوكية وتكوِّن ذكريات خوف للمثيرات البيئية والانفعالية، تتلقى مدخلات ثقيلة من مناطق دماغ مثقلة بمادة كيميائية مرتبطة بالنفور، وهي مادة الـ ببتيد العصبي CGRP (الـ ببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين(6)).
"استنادًا إلى هاتين المجموعتين من الأبحاث، اقترحنا أن عصبونات الـ CGRP، الموجودة بشكل خاص في المناطق الفرعية من المهاد وجذع الدماغ ، تنقل معلومات تهديد مدخلة عبر حواس متعددة إلى اللوزة الدماغية،" كما يقول المؤلف الأول المشارك شيجيا ليو Shijia Liu، وهو طالب دراسات عليا في مختبر هان. "قد تولد هذه الدارات استجابات سلوكية مناسبة [المترجم: بحسب قوة الاستجابة لنوع المنبه / المثير الخارجي: الصوت، الرائحة، الحجم، الملمس. وما الى ذالك(7، 8)] وتساعد في تكوين ذكريات منفرة من إشارات وقرائن منطوية على تهديد." [المترجم: الذكريات المنفرة من قرائن منطوية على تهديد تقول للشحص أو للكائن الحي: كن خائفًا؛ ابقى بعيدًا].
أجرى الفريق عدة تجارب لاختبار فرضياتهم. قاموا بتسجيل نشاط عصبونات الـ CGRP باستخدام تصوير الكالسيوم أحادي الخلية أثناء تعريض الفئران لإشارات تهديد تتلقاها عبر حواس متعددة [يعني عبر البصر والسمع والذوق والشم واللمس، أو عبر واحد أو أكثر منها]، مما مكَّن الباحثين من تحديد المدخل الحسي (الحاسة)(9) التي تُشرِك مجموعات الخلايا العصبية في العملية. حددوا المسار الذي سلكته الإشارات بعد مغادرتها المهاد وجذع الدماغ باستخدام بروتينات فلورية ملونة مختلفة. وأجروا اختبارات سلوكية لقياس الذاكرة والخوف.
تُثبت النتائج التي توصلوا إليها مجتمعةً أن مجموعتين متميزتين من عصبونات الـ CGRP - واحدة في المهاد، والأخرى في جذع الدماغ - تمتد إلى مناطق غير متداخلة من اللوزة، مُشكلةً دائرتين متميزتين. تقوم كلتا المجموعتين بترميز المرئيات والأصوات والروائح والأذواق واللمسات المنطوية على تهديدات بالتواصل مع شبكات دماغ موضعية. أخيرًا، اكتشفوا أن كلتا الدائرتين ضروريتان لتكوين ذكريات منفرة – وهي نوع الذكريات التي تخبرك بـ ، "كن خائفًا؛ ابق بعيدًا".
يقول هان: "على الرغم من أن الفئران اُستخدمت في هذه الدراسة، فإن عصبونات الـ CGRP لمناطق الدماغ نفسها لدى البشر تخضع أيضًا للتعبير." "يشير هذا إلى أن الدارات المذكورة هنا قد تكون مشتركة أيضًا في الاضطرابات النفسية المرتبطة بالإحساس بالتهديد."
يأمل المؤلفون في دراسة كيف تتواسط تشويرات عصبونات الـ CGRP في هذه الدارات في الاضطرابات المرتبطة بطريقة معالجة منبهات غير طبيعية مدخلة عبر حواس متعددة، كالصداع النصفي واضطراب الكرب التالي للصدمة واضطراب طيف التوحد.
يقول المؤلف المشارك الأول سوكجاي جوشوا كانغ Sukjae Joshua Kang، زميل ما بعد الدكتوراه في مختبر هان: "لم نختبرذلك بعد ، لكن الصداع النصفي قد ينشط أيضًا عصبونات الـ CGRP في المهاد وجذع الدماغ". "الأدوية الحاصرة لـ CGRP استخدمت لعلاج الصداع النصفي، لذلك آمل أن تكون دراستنا بمثابة نقطة ارتكاز لاستخدام هذا النوع من الأدوية في تخفيف الذكريات المرتبطة بالتهديد في اضطراب الكرب التالي للصدمة ، أو اضطراب الحساسية الحسية المفرطة لدى المشخصين بالتوحد أيضًا."
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/لوزة_دماغية
2- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2211124722010397
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_الكرب_التالي_للصدمة_النفسية
4- "اضطراب فرط الحساسية يتعلق بالحساسية المفرطة لإثارة الحواس الخمس ؛ بما في ذلك اللمس والبصر والسمع والذوق والشم. ولها تأثير قوي في الاستجابات المشاعرية والسلوكية للأطفال والكبار على حد سواء." ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://study.com/learn/lesson/hypersensitivity-disorder-symptoms.html
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/ألم_عضلي_ليفي
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/ببتيد_مرتبط_بجين_الكالسيتونين
8- https://blumsteinlab.eeb.ucla.edu/wp-content/uploads/sites/104/2017/08/MunozBlumstein_2012_BE.pdf
المصدر الرئيس
https://www.salk.edu/news-release/how-the-brain-gathers-threat-cues-and-turns-them-into-fear/
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم229 لسنة 2022