مهما أوغل الفلاسفة في دحض حقوق الخيال، إلا أنني أحيد عن نظرتهم عندما أسمح لخيالي برسم ما يريد ،يقنعني بآلية تجاربه المذهلة وأحاول التحليق في دائرته .
أيها الخيال :
يُقال إن الحقيقة لا تثبت إلا بالحواس، وأجزم بأن ليوناردو دافينشي أبدع خياله فأنجب عذراء الصخور والموناليزا ،وجميع المعارك الفنية القابعة في لوفر باريس تشهد على توجّه الخيال لإثبات وجوده .
من فوضى العقل وفساده واطمئنانه وخيره وشره، تنطلق الفرشاة الساحرة بلا سخف ولا هراء ،ترسم وتسجل أحداثا تاريخية وأخرى دمويّة .
الخيال إبداع منطوق ومحسوس بشكل أو بآخر، يراود أصحابه ليبدع أكثر من الحقيقة، وكربلاء متسع كبير لمن آمن بالحسين وعطاء الحسين وخلوده في ذاكرة القرون المتتالية؛ لأنه من تقوى الله ،وموقعة كربلاء ليست كبقية المعارك فهي المعجزة الخالدة ؛ لأن الحسين ومهما رسم الخيال صوره فلا بد أن يُصاب بالعجز وتقام عليه الحجة .
فعندما تحضر صورة الحسين في ذهني تغيب جميع صور التفاخر بالأموال أو التباهي بالمراكب الفارهة ،فالحسين عليه السلام
صورة تاريخية مشرقة؛ لأن حبه أمر إلهي مفروض (أحبّ الله من أحب حسينا) ولسان رسول الله وحي يُوحى لذلك أنجبت كربلاء
بطلًا شاهق المبادئ لم يؤمن بأنصاف الحلول، ولم تجرّه المغريات لتجعله يتخلى عن تلك المبادئ حتى لو على حساب نجاحه
الشخصي.
صور كربلاء الخيالية رسمت أصدقاء أوفياء وأبناء يرددون : يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.
إنها شواهد مختصرة جدًا لاجتماع الماء والنار وأطفال يبكون، ووحوش ضارية تحاول الفتك بهم، فهل جمع الله سبحانه وتعالى بين الأمور المتضادة في أرض كربلاء الخير والحضارة، إلا من أجل سبط رسول الله وأصحابه وأهل بيته الكرام .
بإمكانك الآن أن تنصت لخيالك الذي يدعوك لزيارة الحسين دون خوف من رماح وسيوف تلك المعارك وبإيمان مطلق بمكانته الخالدة .
يستطيع الخيال أن يرسم الإحساس بالألم، ويخترق سمعك صوت وليدة بيت النبوة السيدة زينب سليلة المجد والعصمة الذي ظل يتردد قرونا : فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا).
التعليقات 1
1 pings
عبدالمحسن الأحمد
2022-08-02 في 8:45 م[3] رابط التعليق
مقال رائع سلمت يداك