واقع، حلم، طموح، خيال، ترسيخ أفكار، مخطط سياسي أو اجتماعي، معتقد ديني أم مذهبي؟
كثر الحديث في الأوساط الاجتماعية حول هذه الأنشودة، وأيا كان مفهومها، إذ انتشرت في معظم أرجاء العالم العربي والغربي، ستظل تحمل فكرة واحدة فقط.
وحتى نصل إلى هذه الفكرة، يجب أن نعود حيث البداية.
الإمام المهدي، أو المخلص أو تحت أي مسمى يعتقده الناس تظل هذه الحقيقة من أقدم ما كتب في تفاصيلها ولأجلها توجد دواوين ومجلدات وكتب متفرقة شتى، ولسنا بصدد فتح واحد منها الآن، إلا أن محورها يدور مدار ما يفهمه الكثيرون وتعود إلى أن هذا الرجل سيخلص الناس من العذابات والألم وسيحيل الأرض من بعد الظلم والجور في بعض قضاياها، إلى العدالة والحرية والأمان، وبأن بهذه الحياة المرتقبة بوجوده لن تكون هي النهاية، بل هي البداية لحياة مختلفة هادئة وجميلة.
وعلى ذكر البدايات جاءت أنشودة «سلام فرماندة» أو «سلام يا مهدي» بفكرة تحاكي بها فطرة الإنسان وتذكره بوعد السماء ودولة الحق، فلربما الزلق الذي أودى بالكثير إلى السهو واللهو، وحشرهم في مضائق الفساد والانحلال والظلم أن ينجلي ظلمته وسيطرته وتتبدل إلى عودة الإيمان والتصديق من جديد بذلك الوعد الرباني والاستضلال بظل آخر الأوصياء من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
فهل هذه الأنشودة تندرج تحت أيدلوجية صريحة وواضحة؟ وهل هذه الأيدلوجية فكرة جديدة تأدلجت حسب الظرف والزمان؟ أم أنها مؤدلجة منذ القدم كما أشرنا سابقا بدليل مدى ارتباط وتعلق الإنسان بظهور المخلص المرتقب منذ فطرته.
البعض يقول أنها كانت من قدم الزمان، تقلبت وتجذرت وتمحورت إلى أن ظهرت لنا اليوم بهذا الشكل المصرح به أن يرى، وبتلك الكلمات التي سمعت من قبل الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
والبعض استنكرها واعتبرها مؤدلجة حقا بزماننا هذا وفي ظروفنا الحالية، والعقل يقول: لا بأس أن تكون فكرة قديمة أو جديدة ما دامت تحمل من المعاني ما يوقظ شيء في الداخل البشري قد نشأ عليه طبقة من الغفلة أو النسيان، في عصر التقنية والماديات، الأمر الذي ظهرت له الحاجة الملحة لأن تحرك القلوب أو العقول والهمم لأن تعود إلى شيء من خط أهل بيت النبوة والإمامة، وتدرج بهم مدارج الوعي والإيمان بما جاءوا من أجله، وتعيش الناس لأجله ولا تنحني عن خط السماء ووعد الأنبياء.
من المفرح الذي يشعل في النفس حماسة، وجود بارقة أمل بهذا الوعي المطلوب، وهو أن الأنشودة لاقت رواجا كبيرا وواسعا في جميع أرجاء العالم الإسلامي، فترجمت من الفارسية والتي ظهرت لأول مرة بلغتها إلى لغات ولهجات عدة، في كل يوم تظهر لنا بكلمات من دولة معينة ولغة معينة، وما زالت تتوالى عمليات الترجمة أو الكتابة على نفس النمط والأسلوب واللحن بما يتناسب مع نفس الكلمات وتنتهج نفس المنهج مهما اختلف المؤدون لها ومن أي دولة.
الملاحظ أيضا أن هذه الأنشودة على اختلاف اللغات واللهجات التي انتشرت بها، نلاحظ أن مؤديها هم أطفال صغار في العمر مما يدعو إلى التفكير أن أيدلوجية الأنشودة جاءت لتراعي الفئة العمرية بالدرجة الأولى، وكأنها تريد أن تمرر رسالة بالنمو مع نمو هؤلاء الصغار وتظل أطول فترة زمنية ممكنة، وربما تتوارث من جيل إلى آخر حين تعبق في الذاكرة وتصبح جزء من التاريخ.
ملاحظة: أتى مفهوم أيدلوجية على أنها تعني «النسق الكلي لـلأفكار والمعتقدات والاتجاهات العامة الكامنة في أنماط سلوكية معينة، وهي تساعد على تفسير الأسس الأخلاقية للفعل الواقعي، وتعمل على توجيهه، وللنسق المقدرة على تبرير السلوك الشخصي، وإضفاء المشروعية على النظام القائم والدفاع عنه. فضلًا عن أن الأيديولوجيا أصبحت نسقًا قابلًا للتغير استجابة للتغيرات الراهنة والمتوقعة، سواء أكانت على المستوى المحلي أم العالمي» ويكيبيديا