بين جدران المجتمعات تُروى أحداث أشدّ دهشة من أحداث الأفلام السينمائية ، فهناك كبش فداء تعلّم الآخرون من خلاله الهروب من المواقف المُحرجة،وسجدوا لله شكرًا أنّ الأقدار لم تضعهم في مكانه .
ولكن هناك نهايات جميلة ما كنت تعتقد يوما أنّها سوف تُبحر في أعماق الانتصار .
يقول أيمن : لا تعبث بالنهايات ولا تحاول تخطّي الأقدار فقد يكون من المفارقات التقاء أعاصير الأحزان بتيارات الهواء الباردة .
حقيقة لم يستوعب أيمن الاختلاف الكبير في المدارس، فهو نتيجة حتميّة لتباين المستويات الفكرية عند أُسرهم المختلفة ، لذلك كان أيمن طفلًا مسالما لا يميل للشر ويبتعد عن السلوك العدواني، لم يكن بتصوره أن المدارس تمتلك القدرة على تخريج الوحوش مثلها مثل الغابات ، فكان يواجه أصنافا متعددة من أشكال التّنمر، ومن حسن حظه أحيانا أنّه لم يفهم أنّه المقصود من تلك الترهات التي تُقذف في طريقه ، لكنه فيما بعد شعر بالامتنان لتلك اللحظات المؤلمة التي جعلته يقع بين براثن السخرية والتهميش فقط؛ لأنه قصير القامة ، أسمر البشرة ، هذا الأمر جعل جسده يفرز هرمونا سريعا جدا يمنع من دخول الأجسام الميكروبية الضارة لمنافذ عقله .
عرف أيمن أنّ أيّ نقطة سوداء يمكن أن تُشكّل سقطة في سجله، فدخل في مضمار السباق مع نفسه وأراد أن يجعل لحظة خروجه من المدرسة أفضل بكثير من لحظة دخوله إليها وكان له ما أراد .
كما أدرك بفطنته أنه لن يرفع قضية يشكو فيها هؤلاء ،ولن يقبل بمحامٍ غير نفسه يدافع ، ويعزز فيها قدرته على تخطّي جميع المعضلات التي تمر بحياته.
كانت دعوة من نفسه لنفسه مباشرة ،لم يقف موقفا هامشيّا بمواصلة الصمت على التجريح المستمر لذلك قرر أن ينسلخ من جلده ، أخذ نفسًا عميقا ، نظر في المرآة ليرى أسدًا يُملي عليه ما يفعله ، يُسدد خطاه يقول له :
الثقة بالنفس ، وثقل المحتوى العقلي ، يولدان مع بزوغ الفجر ويخلقان ألف فرصة لحياة جديدة تخلو من الانهزامية.
ولست بحاجة لوضع نهاية لقصة أيمن، فالجميع يُبدع في وضع النهايات لكن لابد لنا من مساندة الناشئين في وضع نهاية حقيقية لما يمرون به في حياتهم .
إننا في كلّ يوم لنا وقفة مع أبنائنا لا نشتكي بل نوجّه ، لا نهرب بل نتصدّى!
لا خير في أيامك إذا اختزلتها بمشهد عابر دون أن تقف بجوارهم ، تزرع حتى تثمر سواعدهم بقوة .
ابني العزيز :
خبرتي في الحياة تقول لك: بلا شك لديك طاقة إكسيرية تُحوّل كلّ الطرق الرخيصة إلى طرق باهظة الثمن .
فقد قيل لنابليون بونابرت يومًا: إن جبال الألب شاهقة تمنع تقدمك، فقال: يجب أن تزول من الأرض.
ابني العزيز:
دعمني العقل الباطن ، إنه يزهو بداخلي فيقول لأمر ما قد استحكمت عقده : كن فيكون .
لذلك لم أستطع الاعتياد على المشاعر السلبية من حولي ؛ حتى أحاديثهم الفَظًّة لم تفرض وجودها كعادة أجبرتني على تلقي سماعها؛ فالاعتياد شبه تخدير ونفي للإيمان
وكلّما أوغل المرء في الاعتياد المذموم، زاد كفرًا بنفسه فهو الطريق المعوّج ، إنّه وصفة ساحرة لمن أراد أن يكفر بقدرة نفسه،لم أكن يوما مثل من اعتاد فقط على الإمساك بالسبحة .
اعتاد فقط على الذهاب لعمله.
اعتاد على التّنمر .
اعتاد فقط لكنه لم يُغير من واقعه .
أخيرا : آمنت بنفسي فصنعت لها المعجزات ، آمنت بنفسي فقمت بحل المعضلات من أجلها وأصبح كبش الفداء أفضلهم .