١- في المدرسة تعلمت أن :
الخطأ مرفوض تماما في عالم سباق جني العلامات، وأن المسائل بكل أنواعها في الرياضيات أو النصوص تكون بين جواب صحيح أو جواب خاطئ وليس للإبداع أي مكان خارج نطاق الأجوبة النموذجية، وهذا الأمر يجعل من أفقي كطالب لا يصمد أمام أول تجربة فاشلة، ولم يصنع مني رجل أعمال ناجح أو شخص مقدام أو باحث عن كنز خوفا من الإخفاق.
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت أن المحاولة تلو المحاولة أمر مقبول في ساحة تربية والداي حتى مع تكرار الخطأ غير المقصود وحتى بلوع السلوك الصحيح، ويتم حل ذلك بفضل توجيه الوالدين لفهم الطرق التي يجب اتباعها لتجنب الوقوع في الخطأ وبلوغ المرام والقمة، قلب والداي أوسع من قلب أي مدرس أو منهج دراسي ، فهما نعم المدرسة وأكرم بهما من هيئة تدريس وفية ومخلصة، إذ صنعوا مني شخصا مقداما يحلل المعضلات خارج الصندوق ويفكر بطريقة الحل الأكثر عملي وليس بطريقة الصح والخطأ .
٢- في المدرسة تعلمت أن :
التعليم في كل مكان يريد مني أن أتعلم ما يراه المنهج المدرسي، كأساس للنجاح في أداء الاختبارات التحريرية والشفوية لمواد معينة في العلوم والأدب والرياضيات .
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت أن الحياة كتاب مفتوح وأن التعلم عملية مفتوحة طوال العمر، وليست للحصول على شهادة مطبوعة، وإنما لصنع إنسان قادر على إدارة كامل شؤون حياتي بذاتي.
٣- في المدرسة تعلمت أن : وقتا أطول في المذاكرة يعني بالضرورة تلميذا أفضل في أداء الامتحانات التحريرية وأعمال مكررة حد الملل وقلة مشاركة مع أنشطة الأهل في البيت.
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت أن وقتا أكثر كفاءة في أداء المهمات من طرفي يعني بالضرورة ابن أكثر نجابة ومحل ثقة لإنجاز مهام أكبر في البيت والحياة، ويمكنني المشاركة في عدة مهام لحمل بعض المسؤولية عن كاهل والداي .
٤-في المدرسة تعلمت أن : الكتابة والقراءة وسيلة في قراءة نصوص الكتب المدرسية وأداء الواجبات المدرسية.
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت أن الكتابة وسيلة لتوثيق حقوقي وإطلاق مواهبي وتدوين مشاعري وإيداع مخزون تجاربي وتدوين ملاحظاتي ورسم خطط مستقبلي، وقد تكون الكتابة في يوم ما، مصدر قوة وقوة الكاتب، والقراءة أيضا فن استنطاق ما دونه الآخرون وتفكيك مكاسب تجاربهم وزيادة مساحة الوعي .
٥-في المدرسة أخبرت أن :
الحصول على درجات عالية تعني وظائف مرموقة ومرتب عالي في إحدى الشركات، وعليه لا بد أن أبذل جهودا جبارة لتحصيل كل درجة .
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله - تعلمت أن التعليم هو عملية فهم وتوظيف لما فهمت، وليس المقياس درجات وعلامات فقط وكان والدي - أطال الله في عمره- يقول دائما: لا فائدة في علم بلا عمل، ولا فائدة بعلم لا ينفع صاحبه.
٦-في المدرسة تعلمت أن : الادخار هو السبيل الأمثل لاستحصال الكرامة المالية.
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت التالي : العمل بالجد وحسن توظيف واستثمار وإدارة ما يكون تحت يدي من موارد، هو السبيل الأنجع لإحراز الكرامة المالية وديمومتها بإذن الله .
٧-في المدرسة تعلمت أنه : يجب التزام الصمت وعدم الكلام إلا بالنادر وحسب طلب المدرس، حتى تم طمس موهبة الخطابة لدى الأغلب أو تكون لدى البعض حالة الفزع من الكلام أمام الآخرين بصوت مسموع.
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت أن أُعبر عن آرائي ومشاعري بصوت عال دون خوف أو وجل أو تهكم، وكان حلم والداي يتسع كل ذلك بطيب خاطر وسعة صدر وإن قلت مفردات تعبيري وضعف خطابي .
٨-في المدرسة تعلمت أن : الحقوق تُطلب ولم أتعلم أن الواجبات تؤدى كما أن الحقوق تُطلب.
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت أن لكل منا حقوق وواجبات، ولكي أستمتع بالحقوق يجب أن أقوم بالواجبات .
٩- في المدرسة لم أتعلم أي شيء عن كلمة management لأن الوالد -أبقاه الله- اهتم بكل جوانب حياتي في صغري من غذاء ومسكن ومصروف مالي وترفيه ومواصلات وملابس.
وفي المقابل، في منزل والدي - حفظه الله- تعلمت أن الواجب الأخلاقي في إدارة شؤون الحياة، هو معروف صُنع لي لكي أتحمل أداءه لأولادي وزوجتي، وأن الإدارة الناجحة للوالدين تنتج أسرا ناجحة والعكس صحيح.
١٠- في المدرسة تعلمت احترام المدرس ولم أتعلم كل تطبيقات الأتيكيت.
وفي المقابل في منزل والداي تعلمت أن أشرف ذكر على لساني هو الصلاة على النبي محمد (ص) بعد التسبيح لله، وأن رأس الخطيئة حب الدنيا، والتعلق بها، وأن لا أغضب على توافه الأمور .
أكتفي بهذا القدر، وحتما في جعبة كل منكم الكثير ليشارك به في هذا المضمار.
ختاما وبكل لغات العالم :
شكرا بابا … شكرا ماما … أنتم أصحاب فضل كبير علي وعلى إخواني وأخواتي، فأنتم من سعى جاهدا في تعليمي وحسن تربيتي وصنع أبناء يكونوا لبن بناء لمجتمع فاضل ومُحترم ومتعاضد، فأنتم بحق المدرسة الخالدة في وجداني وعقلي وقلبي ولحمي ودمي، وأعطف بالثناء والشكر لكل المدرسين الصالحين والإداريين الأوفياء الذين عملوا أو ما زالوا يعملون في قطاع التعليم لمساهمتهم الطيبة في إذكاء روح المعرفة والعلم والسلوك الحسن في نفوس الطلاب . والحمد لله على جميل توفيقه في كتابه هذه الأسطر والسعي لرد بعض من الجميل لمن لهم حق علينا .