حينما أتحدث معك، حينما أتقرب لك لكي ألعب معك، حينما أتبادل أطراف الحديث معك، وحينما أسمع لوجهة نظرك، وحينما نلقي على مسامع بعضنا البعض طرفة لنرسم الابتسامة على وجهك، حينما أنصحك، حينما أقترح عليك، وحينما ألقي عليك كلمة أو أهديك مبلغاً من المال، أو أشتري لك جهازا إلكترونيا، وحينما نناقش طرق الاستذكار الدراسي.
وحينما …وحينما…. وحينما ….
فإن كل ذلك تم ويتم بدافع الحب لك، والسعي لأن تكون الأفضل .
بُني حبيبي، الحب لك كالنهر الجاري على مدى أيام عمري والمتفرع منه عدة ترعات، فلا أعلم كل السبل لكي أروي كل ما تحتاجه وأحرز حسن التربية لك، وأؤكد في ذات الوقت لك بأني أحبك ولا أتحكم بحياتك، أو أصادر قراراتك، أو أتطفل على أمورك .
حبيبي بُني،
إني أخشى عليك من الأشرار في السوشل ميديا، وفي العالم الافتراضي وشبكة الإنترنت وفي الروايات، كما أخشى عليك من الأشرار في العالم الواقعي، فلا تلمني ولا تغضب مني إن أنا وجهتك أو وضعت لك القوانين لضبط دخولك للعالم الافتراضي ومراجعة ما ولجت له .
بُني حبيبي،
إني أخشى عليك من أصحاب السوء، وزملاء التفاهة وسراق السعادة، ومروجي العفن ومدلسي الباطل ومتقلبي المصالح، فلا تلمني ولا تغضب مني إن وجهتك أو وضعت القوانين لضبط ورسم حدود الأصدقاء، وخطوط مرحلة من عمرك هي الأخطر، وتذكر أن الصاحب ساحب، فلن أخذلك و لن أسمح لأي شخص أن يسحبك كيفما يشاء.
حبيبي بُني،
إني أخشى عليك من باعة الوهم، ومسوقي الأحلام الوردية، ومدعي الحرية الباطل، وملبسي الحقيقة بالباطل وأهل الفجور، فكم وكم من أشخاص اشتروا الأوهام وأصبحوا على ما فعلوا نادمين حيث لا ينفع الندم .
بُني حبيبي،
أنت الآن في سن المراهقة ، فأنت طري العود ، قليل الخبرة ، ضحل المعرفة بخبايا الأمور ، قليل الاطلاع، وإن كنت تعتقد غير ذلك، وسهل الانقياد للشهوات والسعي نحو إرواء الرغبات .
حبيبي بُني،
لا تسمع كل ناعق ولا تتبع كل ريح ، ولا تقف بأهل الكفر للنعم وجاحدي المعروف ، ولا تشتري من أهل نكران الجميل ، ولا تتكئ على من يجحد نعم الله ، ولا تعتمد قول من قوله يتبدل بتبدل هواه، فالدنيا تعج باللصوص من مختلف الألوان وبائعي الوهم من كل الاطياف، فاحرص على عمرك أكثر من أموالك .
بُني حبيبي،
أنت ثمرة فؤادي وزهرة بستاني وأمل عمري، وكنز دنياي وخزينة أعمالي ورصيدي بعد رحيلي، وحبلي الممتد بعد دفني وذخري يوم قيامتي ومحل افتخاري في دنياي .
حبيبي بُني،
سامحني إن قسوت يوما عليك، واغفر لي إن أخطأت، وتجاوز عني إن جهلت؛ فإن حبي لك لتكون الأفضل أعمى بصيرتي وفوت عقلي، فالمحب يهيم بمن أحبه ويبادر لحمايته .
بُني حبيبي،
الآباء الحنونين ليسو toxic father وليسو aggressive controller وليسو idiot كما تصورهم بعض أفلام هوليود، وبعض كتاب الشهرة.
الآباء الصادقون والناصحون، هم الأجدر بجوائز التقدير؛ لأنهم سعوا ويسعون لخلق أجيال جديرة بحياة كريمة وأخلاق رفيعة، ويدفعون بكل ما أوتوا من قوة لتحصين أنفسهم وأهليهم وأبنائهم من نيران الأشرار .
