المقصود بتصفية الحسابات: أشكال من السلوكيات العدوانية التي تشمل حب الدخول في المواجهة المباشرة المبنية على إثارة الخصومة والأحقاد في النفوس، وزيادة على ذلك الخروج عن حالات التقيد بالقوانين والمبادئ والقيم الإنسانية، وهناك صور أخرى تتمحور حول تصفية الحسابات، ومنها الميل لاستخدام أسلوب التسلط والعنف والانتقام، وهذه التصفيات تحصل بين الأعداء أو الخصوم التي حصلت بينهم خلافات وعداوات في فترة السابق أو الحاضر.
ومن أساليب تصفية الحسابات بين الناس هي اتباع أسلوب تصيد الأخطاء على الطرف الآخر، ونبش الملفات القديمة (الخلافات السابقة)، وذلك من أجل الاصطياد في الماء العكر، وتسديد الضربة القاضية للخصوم؛ لجعلهم يرفعون راية الاستسلام في الساحة الفكرية والثقافية والاجتماعية، كما أن هناك أساليب أخرى في تصفية الحسابات، ونأتي بمثال المعركة القائمة بين الطرفين المتناقشين، والتي تهدف إلى استخدام اللهجة الحادة في الانتقاد، بغرض إثبات الوجود والاستفراد في الساحة من دون إفساح المجال لتبادل الآراء.
إن كل طرف يريد إبعاد الطرف الذي ينافسه من الساحة الاجتماعية، أو يحاول بشتى الطرق إثارة خلافات جانبية، فالتقيد بالمبادئ والقيم الأخلاقية والاجتماعية يكون مرفوضا، الأمر الذي يجعل المجتمع يتحول لبيئة خصبة لإشعال الخصومات، ومن هذه الناحية يكون إيجاد الحلول الوسط، أو المناسبة لتحقيق التعاون وتقريب وجهات النظر، بمثابة إثارة نزاعات اجتماعية، بسبب عدم وجود رغبة في النقاش مع فئة معينة من الناس، أو جميعها، وبالتالي يتم منع جميع التوجهات من الوصول إلى نتيجة مثمرة.
وأن التعصب، وضعف روح التعاون، وقلة الوعي لدى فئة معينة (من أصحاب الثقافة) بمختلف مجالاته، سبب في انعدام النظرة الإيجابية تجاه مختلف التوجهات، فهم يرفضون آراء شخصيات محددة، وهدفهم السعي لممارسة الإقصاء الفكري والثقافي والاجتماعي؛ بحجة اعتقادهم أنهم دائما على صواب، ولأنهم يعتمدوا على رأي واحد فقط، وهذا ما يؤدي إلى بروز مشاكل يصعب حلها.
إن هناك حل يعطي نتائح مثمرة، وهو التقيد بالنقاش الإيجابي الذي يؤدي إلى تطوير الأفكار، وإعطاء الآخرين الفرصة للتعبير عن وجهات نظرهم، ولو كانت متواضعة، فهذا يؤدي إلى تقوية العلاقات بشكل عام، وذلك عن طريق تقديم العون والمشاركة في تصحيح الأخطاء من خلال توجيهها إلى الطريق السليم، بعيدا عن تكريس ثقافة التعصب والإقصاء، التي لا تعزز روح التعاضد والتكافل.