- متلازمة مونخهاوزن:
تم تسمية متلازمة مونخهاوزن باسم بارون فون مونخهاوزن، وهو ضابط ألماني من القرن الثامن عشر، وكان يعمل على تزوير وتحريف القصص والمواقف الحياتية الخاصة به.
بارون فون مونخهاوزن يعتبر من النبلاء الألمان، وكان يعمل في سلاح الفرسان، وقدم خدمة للقيصر الروسي ثم بعد ذلك عاد إلى ألمانيا عام 1750 ميلادي، وكان متفرغا إلى الصيد وركوب الخيل، استضافه فئة من النبلاء في فترة المساء، وذلك من أجل أن يحكي لهم القصص التي حصلت له في روسيا والتي كانت تتمحور حول الخيال والأساطير ، في هذه اللحظة تقمص بارون دور الرجل الخارق.
كان بارون فون مونخهازون يتحدث عن اللحظة التي كان يتوقع فيها أن يطير على منطقة الظهر الخاصة بالبطة، ويقفز بحصانه من ناحية النهر ليصل إلى الجهة الأخرى، ليتفادى قنابل المدفع المتوجهة إليه، بل ويردها نحو الأعداء الذين يحاربهم، وكان يمكنه أن يفعل أمرا أكبر من ذلك، كما روي في الأساطير، وبالتالي لم يكن البشر يصدقونه فيما يقول ولكن كانوا يستمتعون بالحكايات التي يرويها عليهم، من هنا اكتسبت القصص التي يتحدث عنها تأييدا شعبيا في أوروبا، ثم بعد ذلك أطلقوا عليه تسمية المتلازمة المعينة.
تعرف متلازمة مونخهاوزن على أنها نوع من أنواع (الاضطرابات المفتعلة) أو الاختلالات النفسية التي يمثلها ويفتعلها الإنسان بطريقة متكررة، وذلك كي يكسب تعاطف الآخرين وجذب انتباههم، وبالتالي فإن المصاب بهذه الحالة يتوهم أن لديه أمراض غريبة معينة وكل هذا يحدث من أجل الحصول على الاهتمام والرعاية، في حين أن ذلك الشخص تكون أحيانا الحالة الخاصة به سليمة وأحيانا لا توجد أي علامات واضحة توحي بوجود أي مرض، بمعنى آخر تبدأ أعراض هذا الاضطراب بشكل خفيف، وبعد ذلك تصبح الأعراض شديدة بسبب افتعال الأمور غير الحقيقية.
من هنا نستطيع القول بأن هناك أشخاص لديهم حالات محددة تحمل أنماطا سلوكية شائعة تهدف لجعل هؤلاء يزيفون إصابتهم بمرض خطير أو ينتحلون صفة ضحايا التنمر والعنف، من أجل تغيير أسلوب التعامل وثقة الآخرين تجاههم، فالأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب، يزعمون أنهم دائما لديهم أمراض نفسية وجسدية متعددة، وأنهم في الغالب يتوهمون بأنهم معرضون للاعتداء الجسدي والنفسي على الدوام.
وإن التلاعب يعد طريقة تستخدمها الشخصيات التي تعاني من هذا الاضطراب، فالهدف الأساسي الذي يريد أن يحققه المصاب، هو السيطرة على الآخرين والتلاعب بعواطفهم، وذلك ليشعر الناس أن المصاب بهذه الحالة له قدرة على السيطرة على حياته ومقدرة على حل المشاكل النفسية والشخصية والاجتماعية، وبالتالي فإن الفئات التي تعاني من هذه المتلازمة تميل للسلوكيات الخارجة عن الفطرة السليمة؛ نتيجة ما مروا به في فترات الصغر من أحداث مؤلمة ونوبات وصدمات نفسية أثرت على مجرى الحياة التي يعيشونها وأدخلتهم في خانة الوسوسة والتوهم.
- هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي للإصابة بمتلازمة مونخهاوزن وهي:
1) التعرض لصدمة حادة في الصغر، على سبيل المثال: الأذى النفسي أو العاطفي أو الجسدي.
2) الإصابة بأمراض خطيرة في فترة الصغر، فمثلا الإصابة بالاكتئاب الشديد.
3) فقدان أفراد معينين من الأسرة سواء كان ذلك عن طريق الهجر أو المرض.
4) الرعاية والاهتمام المبالغ في شخص المصاب بمرض معين في الفترة السابقة، مما أدى به إلى الميل لمحاولة كسب التعاطف وجذب انتباه الآخرين بشكل مستمر.
5) ضعف القدرة على معرفة الهوية الحقيقة الخاصة بالإنسان.
6) ضعف الاحترام للذات.
- في هذه الفقرة سيتم ذكر ثلاثة طرق تساعد على إدارة هذه الحالة وهي:
1) العلاج النفسي: قد يحقق العلاج بالكلام والعلاج السلوكي السيطرة على القلق الذي يعاني منه المصاب بالمتلازمة، ويكون من خلال تنمية مهارة التأقلم مع الناس ومعرفة كيفية التغلب على التوتر والمخاوف والأوهام التي يواجهها المريض.
2) زيارة المراكز والالتحاق بالدورات والبرامج التدريبية التي تهتم بالتعليم والتثقيف الصحي النفسي؛ فهي تساعد المريض على الخروج من العزلة السلبية، وهي تعتبر عامل مساعد على تنمية التواصل والتأقلم مع الناس والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها المصاب بالمتلازمة.
3) الدعم والمشاركة من قبل المجتمع والأسرة والأصدقاء والأقارب، عن طريق تشجيع المصاب على ترك السلوكيات الخاطئة، وأيضا تحفيزه على مواجهة الصدمات والمخاطر التي تحدق بالصحة النفسية.
أسأل الله تعالى أن يكون هذا البحث وسيلة مساعدة نحو فهم الذات الإنسانية والمجتمع بشكل فعال، وأن يسعى للتغلب على الآفات والمعضلات التي تعصف في النفوس البشرية، والحمد لله رب العالمين.