ها هي النسمات الربانية قد اقترب هبوبها، وها هي موائد الله قد ابتدأ مدها للصالحين، وها هي مطايا الجهاد قد أُعدت للعاملين، وها هي الملائكة جهزت الصحف لتسجل أعمال الكادحين، فقد حان موعد فتح قنوات الله مع عباده،؛ لترتاح الأرواح من عناء التوتر والقلق، ولتنجلي من القلب غبار الذنوب والغفلة، فقد أقبلت علينا شهور البركات والفيوضات الإلهية على نفوس العباد، لتتزود أرواحهم بالزاد الروحي والمعرفي، فتعقد الصفقة الكبرى مع الله لتبدأ معه تجارة رابحة، ثمارها خالدة مباركة، إنها التجارة التى لا تبور أبدا.
ها هو نهر رجب قد حان بدء تدفقه، فالسعيد من حظي فيه بشربة روية كالعسل المصطفى، هيا قوموا وأعدوا أراضيكم للزراعة والسقي والحصاد، فهي نعمة منّ الله بها عليكم؛ لتجددوا العهد له، وتصلحون ما فسد من نفوسكم، وترممون ما تصدع من قلوبكم.
هلموا يا أحبتي إلى حجز أماكنكم في ميدان الله، ولكن قبل التسجيل، عليكم بإخراج تصريح لهذه الرحلة والذي من أهم شروطه:
١- تزكية النفس (الأربعينية التهذيبية)
٢- التوبة النصوحة.
٣- أداء الحقوق البشرية ورد المظالم.
٤- التسامح والعفو.
٥- هجر دور اللهو
٦- إعداد برنامج ديني وثقافي للأيام والليالي للذات وللاسرة.
٧- الصبر على العبادة الممزوج بالشكر (اللهم ارزقني صبر الشاكرين لك).
فهذه الشروط هي الضمان للحصول على فيزا القرب الإلهي والفوز برضوانه.
ويجب أن يحرص المؤمن الحصيف على أن تكون كل أوقاته بهذه الشهور، هبة لله لا تخلو من العبادة؛ حتى ينعم بالفيوضات الرحمانية وعليه أن يركز على جانبين خلال هذه الشهور وهما :
١- تنمية وتقوية العلاقة الروحية مع الله من خلال العبادة ومعرفة أهل البيت، والسير على منهجهم؛ فهم الوسيلة لمعرفة الله.
٢- التنوع في العبادة، حيث ينصهر العبد فيه إلى فنون مختلفة من العبادة، ما بين النافلة والتسبيح، وقراءة القرآن والصيام، فتتلذذ روحه بمائدة الله، وعليه أن لا يغفل عن تلك الليلة التي تهيئه لليالي القدر، وهي ليلة الجمعة الأولى من رجب - ليلة الرغائب - فهي ليلة العطاء الإلهي للعباد، بتحقيق الرغبات والأماني، فعليه أن يجد في تحصيل فضل تلك الليلة المباركة ولا يغفل عنها بمتاع الدنيا، فعن أمير المؤمنين عليه السلام، حيث كان يصوم رجباً : (رجب شهري وشعبان شهر رسول الله وشهر رمضان شهر الله عز وجل).
ولعل من أعظم العبادات التي تاتي في المراتب الأولى :
١- الصيام.
٢- العمرة.
ثم تأتي بعدها العبادات الأخرى :
٣- الصدقة.
٤- الصلوات العامة والخاصة لكل ليلة.
٦- التسبيحات والاستغفار والصلوات المحمدية.
٧- زيارة أمين الله وزيارة عاشوراء.
ختاماً:
أحبتي سارعوا لإشعال قناديلكم، وتزويد أرواحكم بقوتها، فهذه من نعم الله علينا أن مد في أعمارنا للإصلاح والتعمير والبناء.