أكد سماحته على مسئولية العلماء في إصلاح المجتمع وقيادة الأمة ، فليست وظيفة العلماء مقتصرة على بيان فتوى الحلال والحرام فحسب ،
بل عليهم مسئولية تطبيق العقيدة وحمايتها وغرس المعاني الروحية التي تربط الناس بالله تعالى والدفاع عن القيم والمبادئ الإسلامية والأخلاقية ، وإن كان هذا واجب على جميع المؤمنين إلا أنه يتأكد على العلماء بأن يكونوا دعاة إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وشدد سماحته على ضرورة انخراط العلماء في واقع الساحة الاجتماعية والتخلي عن الانزواء وعزلة الناس خاصة عند وقوع بعض الأزمات والمشاكل والابتلاءات ، وعند وجود بعض الظواهر التي تهدد المجتمع على المستوى العقدي والفكري أو الأخلاقي والسلوكي أو الحقوقي والاجتماعي ، وكذلك إذا اختلط الحق بالباطل وظهرت الشبهات فعلى العلماء الوقوف أمام ما يهدد الكيان الديني ، فالعلماء يمثلون الدلالة إلى الله سبحانه وتعالى ويرشدون إلى طريق الله كما عن أمير المؤمنين عليه السلام (العلماء هم الأدلاء على الله) فالإسلام قد وضع على عاتق العلماء مسئولية كبيرة لأنهم تبوئوا مقعد وراثة الأنبياء وهي القيام بما يقوم به الأنبياء والرسل وليست هي وراثة حكم وسلطة وملك ، وإنما هي ميراث الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وإصلاح المجتمع والأمة والدفاع عن الدين والمذهب وتوجيه المجتمع وهدايته إلى سبل النجاة.
وبين سماحته عند ظهور البدع واشتعال الفتن سواء الفكرية أو الاجتماعية أو غيرها لابد للعلماء بأن يصدعوا بالحق ويبينوا الحقائق حتى لا تصيبهم اللعنة كما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: (إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العَالِـم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله) والعَالِـم كلّ من عنده فائدة للأمة وكتمانها فيها ضرر عليها فيجب عليه أن يظهر علمه فلا يتقاعس ولا يتخاذل عن بيان الحق وإظهار الحقائق.
وحذر سماحته من ظاهرة الإلحاد التي بدأت تنتشر في العَالَـم والكثير من المجتمعات ، فهي تدعو إلى إنكار الله عز وجل والجنة والبعث والمعاد ، وتنتشر بصور مختلفة وبعناوين متعددة وبطرق تنطوي على البعض وتخدعه ، وبدأت تطرق أبواب المجتمعات الإسلامية وتصل إلى المجتمعات الإيمانية ، فلابد من الجد والاجتهاد في مواجهة هذا الفكر الخطير ، فهذا الانحراف لا يقتصر ضرره وتأثيره على الفاعل ، بل تأثيره كبير وخطير جداً على المجتمع لأن هذا إلحاد وكفر وارتداد وخروج عن الدين ، فعلى العلماء مكافحة هذا الوباء الفكري في المجتمع ، وعلى المؤمنين تحصين أنفسهم وأهليهم فلا يغفلوا عما يتلقاه أبنائهم من مفاهيم فكرية خاطئة عن طريق التقنية الحديثة في التواصل التي تغزوا المجتمعات وتخترق بيوت المؤمنين.
وأردف سماحته على الآباء الانفتاح على أبنائهم بالنقاش والحوار ليكتشفوا ما يحملونه من أفكار وثقافات ، خصوصاً المبتعثين في الخارج رغم ثقتنا بإيمانهم وثقافتهم وتربيتهم فلا نهمل متابعتهم والتواصل معهم ، فإذا كنا نحرص عليهم في المجتمع الإيماني المتدين فكيف إذا كانوا في مجتمع غير متدين مع وجود جهود ومشاريع يقوم بها أهل الأفكار الإلحادية أو بعض الديانات الأخرى لتؤثر على المجتمع الإسلامي ، فنحن بحاجة إلى تثقيف أبنائنا وتعليمهم والاستفادة من الفرص التعليمية الأكاديمية لكن ليس على حساب الدين والمبدأ.
وحث سماحته على الوقوف أمام الانحرافات الأخلاقية والشرعية ، فلا يكفي إدعاء حمل الدين بدون حمايته والدفاع عنه فمن لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر فهذا مؤمن ضعيف لا دين له وإن ادعى الدّين كما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ، فالإيمان والتدين ليس بالدعوى وإنما بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يمكنه بالحكمة والتعقل ، لابد من التطابق بين القول والفعل ، وعلى هذا الأساس يتأكد على العلماء القيام بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوقوف أمام المفاسد والانحرافات كما قال الله تعالى: [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ] {آل عمران:104} فضلاً أن يكون العَالِـم سبباً لزلات الناس وانحرافهم ، الواجب على العَالِـم أن يمنع ما يؤدي إلى انحراف الناس وضلالهم وضياعهم ، فكيف يكون سبباً في ضلالهم وضياعهم؟! فهذا أسوء وأكبر جريمة كما روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: (زلة العَالِـم كبيرة الجناية) فانحراف العَالِـم وخطئه من أكبر الجنايات.
في خطبة يوم الجمعة الموافق 24/3/1436هـ في جامع آل الرسول (ص) بالأحساء