هز العالم بأسره في إشراقة صباح يوم الإثنين السابع عشر من ربيع الاول لعام الفيل وأيام ملك الفرس ( أنو شروان ) مولد آخر الأنبياء وخاتمهم أجمع ليكون بذلك إنقطاع للوحي المتصل بين السماء والأرض إذ ختم الله تعالى أديان السماء بدين محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله وسلم وهو دين الإسلام ذلك الدين الذي صبغ الكون كله بصبغة نسخت كل الصبغات السابقة وبتعاليم قادت وهذبت كل تعاليم وصلت عبر السماء على يد المرسلين او الأنبياء الذين سبقوا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكانت المبادئ والقيم والأخلاقيات قد وصلت بهذا الدين الرسالي الختامي ذروتها وكمالها فلا يعلو على أي قيمة أو مبدأ تتحدث من منطلق إسلامي محمدي لاشك في ذلك وقد أثار هذا الدستور وهذا المنهج بقيمه ورساليته إعجاب الملحدين والكفار اللذين لا ينتمون الى الإسلام فضلا عن المسلمين أنفسهم وبشهادة يعجز عنها فصحاء وبلغاء وأفاضل العرب والعجم معا فتسابق الكثيرين على مدح النبي محمد صلى الله عليه وآله إعجاباً وتقديراً بالرغم أنهم لم يرتدوا عباءة الاسلام ولم يعرفوها قط إلا أنهم تحدثوا بصدق عندما قرأوا عن سيرة خاتم الأنبياء فهاهو (راما كريشنا راو) في كتابه ( محمد النبي ) يقول :
( لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في إستطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا").
و قال عنه المستشرق (كارل ماركس ) ( هذا النبي افتتح برسالته عصرا للعلم والنور والمعرفة ، حري أن تدون أقواله وأفعاله بطريقة علمية خاصة ، وبما أن هذه التعاليم التي قام بها هي وحي فقد كان عليه أن يمحو ما كان متراكما من الرسالات السابقة من التبديل والتحوير )
ولست بصدد استعراض ما قاله المستشرقون والمفكرون عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا أنني أحببت أن أذكر ما تذوقه الغريب في نبينا الحبيب حتى أبهرهم كقائد ومفوه وخطيب وحتى نتذوق نحن أيضا ما تذوقوه ولنقف قليلا مع أنفسنا ونحدثها ( نحن أبناء محمد وأمته التي قيل عنها ما قيل من المجد والعزة والكرامة ونحن أبناء الفصاحة والبلاغة فحري بنا أن نكون كذلك ولكن ما الذي حدث حتى فقدنا لغة التعبير ولغة التخاطب والتواصل بل فقدنا الطريق نحو أن نكون قادة ليس على مستوى شعب فحسب بل على مستوى فكر وثقافة ! )
التوستماسترز العالمية التي ينظم اليها اليوم أكثر من ربع مليون شخص في العالم موزعين على أكثر من 13000 نادي في 116 دولة والتي تهدف الى تعليم مهارات التواصل والخطابة والقيادة استطاعت ان تبهر كل هذه الأعداد من الأشخاص وما زالت في استقطاب المزيد ليأتي أحدهم وكله فخر أن حصل على تلك الشهادة نتيجة التدريب على القيادة والخطابة ويشيد بنفسه فيما بعد بالقائد المفوه الخطيب هذه الصفات كلها حصل عليها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم منذ نعومة أظفاره واكتست شخصيته بها بل ونالت كل من جاوره والتزم بما جاء به من قيم ومبادئ وتعاليم وهو إبن الصحراء وراعي الأغنام اليتيم الذي لم يعيش في كنف والديه كبقية الأطفال والشباب
ذلك الشاب الذي علم الأمة كيف ينطقون بمنطلق أول آية نزلت عليه وهو يتعبد في غار حراء وجاءه الوحي بكلمة ( إقرأ ) لتندرج بعد ذلك الأحرف وتتزين بأحلى زينة وتتوج على جميع لغات العالم فتصبح هي لغة الأم ولغة القرآن ولغة الخطابة والأدب والشعر
ليعلم الإنسانية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة الى يومنا الحالي وما بعده كيف نتفوه بأحرف تتكامل في النمو الأخلاقي لمن يسمعها ومن هنا بدأت الناس تعتلي المنابر وتتفوه ولكن بأي صورة ؟
لا أظلم الجميع إلا انني أوسع الدائرة قليلا لتشمل الأرقام الكبيرة من الناس فكم يوجد لدينا خطيب مفوه يشار اليه بالبنان وكم توجد لدينا مفوهه تحسن انتقاء الألفاظ لتقود نساء عصرها نحو الكمال وكم يوجد لدينا من يحسن أن ينطق في أبسط ظهور لوسائل الاعلام كالتلفاز او الاذاعة القليل فقط وحتى القليل يحتاج الى الورقة والقلم ليمضي ليله ونهاره في تحضير كلمته التي سيلقيها أمام الناس في الغد في هذا المنبر أو ذاك .
أترى أن محمد النبي الأمي ابتعد عنا أم نحن من ابتعد عنه فابتعدت بذلك معنا قيمنا ومبادئنا ومن جملتها شخصياتنا التي أعجب بها الغربيون أبان أيام الرسول حتى تضاءلت شيئاً فشيئاً الآن لننعت بالعالم الثالث أو المتخلف او الارهابي او الهمجي !
نحن نحتاج الى اعادة قراءة دستور الاسلام بل نحن نحتاج الى إعادة صياغة في مفردات الأحرف لدينا وأبجديات الكلام نعم لست ضد أندية التوستماسرز بل معها إذ هي السبيل لنعيد مجد القيادة السليمة الفكرية والشخصية لنا من جديد فتحية اجلال وإكبار لمن أسسها بالرغم ان مؤسسها قد ولد منذ آلاف الأيام .
تحية خضوع وتبجيل وصلوات لنبي الأمة وخاتم الديانات محمد صلى الله عليه وآله وسلم والذي يحتفل المنصفون له بذكرى مولده الشريف في مثل هذه الأيام ويذكرون مناقبه وشمائله وصفاته حتى تتشبع بها الأرواح والأنفس لعلنا ننقذ من شخصياتنا ما يمكن أنقاذه ونحضى بشرف القيادة والسيادة من جديد بل نحضى بأن نكون ممن تحضرهم الكلمة المتزنة لنخاطب العالم بأسره ونستأثره بمبادئنا الإسلامية وشريعتنا السمحاء ونكون نحن الأمة القائدة كما كانت في سابق أيامها .
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ناصر الأحمد
2015-01-08 في 2:21 م[3] رابط التعليق
نبارك لكم ذكرى الميلاد النوي المبارك ..
لن تستعيد الأمة أدوارها القيادية إلا بتطبيق النهج المحمدي القويم ..
شكراً لك على هذا المقال الجميل
2015-01-09 في 9:31 ص[3] رابط التعليق
الشكر لله ولك على هذا التواجد الجميل ومبارك ولادة النبي الطاهره شفع لنا في الدنيا والاخرة … نعم ولكن أين مطبقي النهج المحمدي الصحيح ! نحتاج الى سادة أخيار أتقياء ولا أعتقد انهم ليسوا موجودين إنما يحتاج الامر الى القليل من الانصاف .
اب جعفر المتروك
2015-01-11 في 11:44 ص[3] رابط التعليق
الله يوفقكة جميعأ الي الهعمل الصالح
2015-01-13 في 6:09 ص[3] رابط التعليق
ويوفق الجميع يارب .. شكرا تواجدك اخي الكريم