بدأت أحد أيامي هذا الأسبوع بشرب كأس ماء بنكهة الليمون؛ لأطفئ عطش حرارة الصيف الموقدة التي نعيشها هذه الأيام، فتحت الثلاجة لأجد ليمونا أخضرا يملأ الدرج السفلي منها، قمت بعمل شرائح أربع ووضعتها في كوبي، استسغت الطعم، بل فضلته على غيره من أنواع الليمون وتذكرت أن في الأحساء لدينا موسم الليمون الأخضر ولدينا عادة جميلة تقوم بها النساء خاصة به.
قادتني الذاكرة والطعم والفضول إلى معرفة المزيد عن موسم الليمون وسر نكهته اللذيذة إلى سؤال من لهم خبرة وباع طويل في الزراعة، وحصلت على إجابات لفضول تساؤلاتي تستحق أن تشاركوني معرفتها ونشرها.
فسألت الحاج "راضي موسى البوشاجع" صاحب مزرعة اشتهرت بالزراعة المائية الحديثة بالمنيزلة، ودار بيني وبينه الحوار التالي:
متى يبدأ موسم ظهور الليمون الحساوي ويبدأ في متناول الأهالي؟
يبدأ موسم الليمون تقريبا في مطلع شهر يوليو.
في كل سنة تبدأ أشجار الليمون بالانتشاء بعد قضاء فترة نمو بطيئة في فصل الشتاء يعقبها إزهار وإثمار يانع في فصل الصيف، يفتح شهية الناس لشراء "الأمنان" (1) فكيف يتم الاعتناء بهذه الشجرة الجميلة حتى تصل إلى موسم الحصاد بأمان وتناسب متطلبات السوق؟
أفاد الحاج "راضي" بأن الاعتناء بأشجار الليمون يبدأ في فصل الشتاء حيث يضاف إليها مادة الحديد خصوصا إذا أبدت أوراقها اصفرارا مزعجا ثم يعقب هذه العناية أن تزهر الأشجار ومن ثم تستمر في النمو حتى فصل الصيف وتبدأ بالإثمار.
وأردف : إن حجم الليمون يعود إلى طريقة الاعتناء به وكيفية تسميده فقد يصل بعضها بحجم "التيلة" (2) وبعضها يصل إلى حجم كرة التنس.
وماذا عن أسعار الليمون لما تبدو متراوحة بين الرخيص الغالي؟
في موسم الليمون يكون سعره من 10ريال إلى 20ريال للكيلو الواحد وهذه الأيام بسبب جشع العمال الوافدين يقطف قبل وقته ويباع بسعر كثير، ويقدر المن ب 240 كيلو تقريبا، يلجأ أصحاب العائلات الكبيرة لشرائه بالأمنان.
اشتهرت محافظة الأحساء بأشجار النخيل وبالأشجار الأخرى كالرمان والليمون وغيرها، وظلت عبر السنين صامدة رغم شح الأراضي من مياه العيون والآبار، ورغم عدم ارتوائها جيدا تنتج ألذ المنتجات المحلية.
يقول الحاج "راضي" في السابق كانت تتميز الأحساء بوفرة أشجار الليمون وبدأت تقل نسبتها مع قلة توفر المياه إلا أنها كما قلت ما زالت بذات الصدى في جودة المنتج ولذته وبما أنه صاحب مزرعة تعنى بالزراعة المائية جرب أن يزرعها بهذه التقنية ونجحت كما قال، ولكن بالأشجار القزمية فقط لضيق المكان.
ويقول الحاج "أحمد حسين الأحمد" -صاحب مزرعة تضم عدة أنواع من الأشجار المحليةبالمنيزلة- في السابق كان أصحاب المزارع يزرعون شجرتين أو ثلاث ضمن أشجار مزارعهم، أما في وقتنا الحالي نجد أن في الأحساء بعض المزارعين خصصوا مزارع خاصة فقط لزراعة أشجار الليمون، لما لها من امتيازات فريدة، وطلب على في الأسواق داخل الأحساء وخارجها.
وعن عادات توارثتها الأجيال، عند شراء الكثير من الليمون الحساوي يصل إلى عدة "أمنان" تقوم النساء في الأحساء بتوزيعه على مائدة الطعام بعدة طرق وهي عادة قديمة امتدت منذ زمن الجدات واستمرت إلى يوما هذا، فمن طرق توزيعه هو جعله للسلطة كليمون بحجمه وشكله الطبيعي، أو تعصر كميات منه وتعبأ زجاجات "الفيمتو" (فقد كانت النساء تستخدم زجاجات عصير الفيمتو الفارغة بعد غسلها وتجفيفها بملئها بعصير الليمون بعد أن يوضع عليه كميات من الملح ثم تخزينه في الشمس فترة زمنية حتى يتغير لونه وطعمه) وبعدها يصبح ذو طعم ورائحة مميزة وجاهز لاستخدامه في الكثير من الأطعمة كالشوربة والسلطات وبعض المأكولات الشعبية.
وفي بعض مناطق الأحساء وليست جميعها تستخدم عصير الليمون في جعله "جميد" وهو عبارة عن ذات العصير، ولكن يعرض لحرارة الشمس القوية لفترة أطول إلى أن يتحول إلى مادة لزجة بنية اللون شديدة الحموضة يشبه المربى، يستخدم بعدها كمشروب عصير بارد يطفئ لهيب حرارة الصيف، وغالبا يفضل شربه في شهر رمضان المبارك.
مثل هذه العادات الجميلة ظلت محافظة الأحساء بجميع قراها ومدنها محافظة على جمال حضورها في كل موسم، تفرح البيوت منظر تلك السلات وهي ممتلئة بفاكهة الليمون ذو اللون والطعم والرائحة المميزة.
توضيح:
(1) - "الأمنان" وهي لفظة جمع، لمفردة "من" وهي وحدة قياس قديمة في اللغة العربية والعبرية والغربية وهي تساوي عدد من الكيلو جرامات تختلف من بلد إلى آخر حسب الوزن والكتلة والمنتج ففي الأحساء يقدر المن ب 240 كيلو
(2) - "التيلة" هي كرة زجاجية ملونة صغيرة الحجم كانت تستخدم في الألعاب الشعبية القديمة ذات أحجام صغيرة ومتوسطة لا تتجاوز حجم القطعة المعدنية فئة الريال.
التعليقات 2
2 pings
محمد
2022-03-06 في 10:56 م[3] رابط التعليق
هل اصل هذه النوعيه من الليمون حساوي؟ إذا لا…ممكن نعرف المنطقه؟
سهام البوشاجع
2022-03-07 في 5:44 ص[3] رابط التعليق
المهم أن كل منطقة يزرع فيها تنسبه لنفسها ولم تنسب أصله من أين هو بالأساس