اختلي بنفسك كلما سنحت لك الفرصة ، كُن شديد الانشغال بها ، واقض أطول الأوقات معها؛ فالعزلة مع الذات لحظات ثمينة جدًا وشعور استثنائي جميل ، فهي الحل الأمثل لتصحيح ومعالجة كثير من الأمور وهي التوجه الصحيح لكيانك بعيدًا عن الازدحام والعشوائية ووقفة مع الذات ، وحوار داخلي مع النفس، ومكالمة انفرادية يصغي بها الإنسان لنفسه دون الآخرين.
انغمس في لحظات هانئة مع ذاتك، وتهيأ جيدًا لتعرف ماذا تريد وما عليك فعله وما الذي تريد الوصول إليه ، فالخلوة مع الذات لا تعني الوحدة ، بل هي عزلة أنيقة مع الذات وهذا فن ورقّي وثراء ، كما قال الكاتب ماي سارتون : ( الوحدة هي فقر النفس أما العزلة ثراءها ) ، فكلما انعزل المرء بذاته شعر بالراحة واكتفى بنفسه عن الآخرين ، فالعزلة مع الذات احتواء للنفس وإصغاء للفكر وتحسين للمزاج وراحة للجسد، فعلينا دائمًا أن نتقن فن الاحتفاء بالنفس ، وأن نملأ لحظاتنا الفارغة بما يفيض علينا بالمنفعة والتغيير .
ولنجعل من عزلتنا حياة أخرى مليئة بالتأمل والعبادة نحو الكون والعالم والوجود ولنجعلها كياناً آخر للتثقف والقراءة والاطلاع ، لنطور ذواتنا ونستثمر أوقات فراغنا ، فالعزلة دون منفعة فراغ قاتل وآفة تقضي على سلامة الفكر لدى الإنسان ، فغالبًا لا نشعر بخطورة الفراغ للوهلة الأولى ، ولكن مع مرور الزمن سندرك قيمة الوقت والفراغ الذي مضى دون منفعة وسوف نتحسر على كل ثانية مضت دون فائدة ، لذلك علينا أن نغتنم الفرصة وندرك الوقت قبل أن يمضي، فاليوم الذي نعيشه سيذهب دون رجعة والوقت الذي نملكه اليوم ربما لانملكه غدًا .