إن شهر رمضان المبارك يعتبر فرصة مناسبة لمن قصر مع الله سبحانه وتعالى، فلا يوجد عيب في أن يتعلم البشر ويرجعون للرب الكريم عندما يرتكبون ذنوبا ومعاصي، ولهذا فإنه يعطي فرصة للناس من ناحية إصلاح النفس قبل الولوج للقبر (الموت).
إن الرياء آفة خطيرة جداً ، وهو سلوك له آثار تدميرية، حيث يعمل على إحباط الأعمال والواجبات والعبادات، والمقصود بالرياء هو إظهار خصال الخير للآخرين بغرض نيل المدح وكسب الاحترام والسمعة، وذلك بدافع الحفاظ على مصالح شخصية ودنيوية.
عندما تحبط الأعمال سيشعر الإنسان بنوع من الإحباط وانعدام الشعور بالراحة والطمأنينة، هذه إشارة تدل على التنبيه له بأن يحذر من الاستمرار بالتشبث بهذا السلوك الخطير جدا، ولكن هناك من يغفل بل يتكبر ويغتر ويكابر إلى حد الطغيان الشديد ويخالف أوامر الله والشريعة الإسلامية.
حتى يتم التخلص من ذلك السلوك الخطير ، على الفرد أن يراقب النفس ويتذكر مراقبة الخالق الكريم له، ويبني الاعتقادات والقول والعمل بهدف حسن النية قبل الإقدام على إطلاق كلمة أو مشروع أو إيصال نصوص كتابية معينة، بالإضافة لعدم التأثر بأهل المدح.
من هنا نرى أن التريث واتخاذ القرار بشكل واعي له أهمية كبرى قبل الإقدام على إطلاق أي عمل بين الناس، لأن ذلك سوف يؤثر على الحياة التي سيعيشها الإنسان بالحاضر والمستقبل والآخرة، تخيل في بالك أن فردا سيعيش طيلة العمر غير مرتاح ومطمئن، ولديه مخاوف تجاه خسارة مصالحه ووجاهته وسمعته ، وهو في حقيقة الأمر لو أخلص العمل لله لما فكر في أي مصحلة دنيوية تؤدي به للخوف من فقدان الأرزاق أو الشعور بالاضطراب والقلق الشديد.
ونتعلم من هذه القصة الجميلة الدرس والعبرة، وهي تخص شخصية البهلول الذي مر على مسجد لم ينتهي شخص معين من إنشاء البناء بشكل متكامل، وكان مكتوب على المسجد اسم ذلك الشخص الذي قام بالبناء، ثم بعد ذلك قام البهلول بإزالة اللوحة التي كتب عليها اسم الشخص، ثم وضع اسمه عليها، عند هذه اللحظة شعر ذلك الشخص بالغضب الشديد، فطرح عليه البهلول سؤالا، قائلا: لمن بنيت هذا المسجد؟ فقال الشخص الذي يعمل على إنشاء المسجد : بنيت هذا المسجد من أجل لله عز وجل، ثم قال البهلول له : لماذا كنت غاضبا عندما قمت بإزالة اللوحة؟ فلو أنك عملت على تشييد هذا المسجد لوجه الله لما شعرت بالغضب الشديد والهلع تجاه هذا الموقف .
وما تم ذكره بهذه القصة يحاكي الواقع بالمجتمعات المعاصرة، والذي يعيشه أشخاص لديهم وجاهة اجتماعية ومناصب عالية ونفوذ اجتماعي قوي، فيوجد من يخلق النزاعات بين أفراد المجتمع، بغرض الحفاظ على المصالح والمكانة الاجتماعية والمآرب الشخصية، بينما هناك من يسعى لتحقيق أي هدف عن حسن نية فهو الذي يتمتع بقدر كاف من راحة البال والصحة النفسية الجيدة جدا والعيش الهنيء، بالإضافة لأنه يريد تقريب النفوس والقلوب وتعزيز الثقافات والسلوكيات الإيجابية من أجل توحيد الصفوف وإيصال الرسالة عن طريق اتباع الطرق المشروعة.