صحيفة المنيزلة نيوز: ابومنتظر الاحمد
الموضوع : الخزائن التي لا تنفد قال تعالى : ( وإن من شئ الا وعندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم ) نقرأ فى آيات القرآن أن: للّه عزَّ وجلّ خزائن،( للّه خزائن السماوات والأرض،) (بيده خزائن كل شيء.).
فما هي خزائنه تعالى؟ «الخزائن» لغةً جمع «خزانة»:8 وهي بمعنى: حفظ الشئ الثمين وحبسه وهل يمكن تصور هذا المعنى في شأنه سبحانه!؟ الجواب بالنفي قطعاً.. ولهذا فسّر جمع من المفسّرين أمثال العلاّمة الطبرسي في (مجمع البيان) والفخر الرازي في (تفسيره الكبير) والراغب في (المفردات)، فسّروا خزائن اللّه بمعنى (مقدورات اللّه)، يعني: أنّ كل شيء جمع في خزانة قدرة اللّه، وفي الحقيقة هناك خلاف بين المفسرين في معنى خزائن الله تعالى وما تعنيه، لكن من المؤكد أن المقصود بـ "الخزائن" هنا ليس الخزائن المادية الموجودة عند الملوك والسلاطين . .وبالعودة إلى المفردة مورد السؤال (خزائن الله) نرى أن القرآن الكريم فرِّق بين مستويين من التعبير : الأول (ما عندكم)، والثاني : (ما عند الله)، وأعطى حكماً للموجودات والأشياء التي تدخل في دائرة (ما عندكم) مختلفاً عن الحكم الذي أعطاه للموجودات التي تدخل في دائرة (ما عند الله)؛ حيث يقول سبحانه: (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ)(1) ، ومع ربط هذه الآية مع قوله تعالى: (وَإنْ مِنْ شَيْء إلاّ عِنْدَنا خزائنه)(2) يتّضح أنّ تلك الخزائن ما هي إلا تعبير عن مستوى من الوجود للأشياء يختلف عن الطبيعة الوجودية التي نتداولها لها ومعنى الخزائن كما جاء في مجمع البحرين: (خزائن الله: غيوب الله، أنّ الخزائن الإلهية التي تذكرها الآية هي جميعاً فوق عالمنا المشهود - خصائص (خزائن الله)
الأوّل: ما من شيء في عالمنا المشهود إلاّ وله وجود في تلك الخزائن (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ)، الثاني: أنّ هذه الخزائن متعدّدة، حيث ذكرت الخزائن بصيغة الجمع، وأقلّ الجمع اثنان.
وهذا يفيد أنّ ما من شيء في عالمنا إلاّ ويعبّر عن مرتبة من الوجود، له فوقها خزائن، .
الثالث: أنّ تلك الخزائن ليست هي في عالمنا المادّي المشهود، بل هي من عالم آخر فوق عالمنا؛ لقوله: (إِلَّا عِنْدَنَا 0خَزَائِنُهُ) حيث أضافت الخزائن إلى الله سبحانه .
الرابع : انها لا تنفد ونقرأ في دعاء الافتتاح ( الباسط بالجودِ يده، الذي لا تنقصُ خزائنه، ولا تزيدُهُ كثرةُ العطاء إِلا جُوداً وكرَماً، ) وهذا يعني ان خزائن الله عظيمة وكبيرة ولا نفاذ لها، لان خزائن الله، ورحمته تتنزل بكلمة واحدة كن فيكون ، فلا يجوز لنا ان نيأس، بل علينا ان ننتظر نعماً أخرى تتلاحق بعدها.إذ ان عطاء الله الكثير لا ينفد ولا ينتهي وما على الإنسان الا ان يرفع الحواجز بينه وبين الله، وان الحاجز الرئيسي بين الإنسان وبين ربه هو حاجز الذنوب، فالله لا يحتجب عن خلقه إلا ان تحجبهم الذنوب دونه، كم يعجز الانسان عن حل مشاكله، إلا انه باللجوء الى الله، والطلب منه، تتفتح عليه ابواب رحمة الله، ويريه من قدرته ليزداد ايماناً، ويعرّفه من اجابته لكي لا ييأس بعد ذلك من شيء، ويعتمد على الله في حل مشاكله.[فصرت أدعوك آمناً وأسألك مستأنساً، لا خائفاً ولا وجلاً، مدلاً عليك فيما قصدت فيه اليك، فان أبطأ عني عتبت بجهلي عليك، ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الامور]حينما يرتكب الإنسان خطأ تجاه صديقه، أو من هو اكبر منه في أي مجال من مجالات الحياة، ويحاول ان يعتذر عن ذلك الخطأ، تنتابه حالة من القلق: هل سيقبل الطرف الآخر عذره، ان انه سيرده على اعقابه؟ إلا اننا بازاء الله سبحانه وتعالى، وبالرغم من كل ذنوبنا، واخطائنا، ومعاصينا، لا نعيش هذا القلق، بل ندعوه وقلوبنا مطمئنة فما دمت ادعو الرب الرحيم الذي يحب عباده فلا داعي للخوف والوجل، إلا ان الإنسان المذنب المقصر يذهب ابعد من هذا: (مدلاً عليك فيما قصدت فيه اليك) فهو يتدلل على ربه، ولكن كيف؟(فان أبطأ عني عتبت بجهلي عليك) فقد يتأخر الله في الاستجابة لدعوات الإنسان المذنب العاصي لسبب من الاسباب، فينبري بجهله وغروره معاتباً ربه: (ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي) فنحن لا نعرف كامل مصالحنا ولا نعرف الحكمة وراء عدم استجابة الله سبحانه وتعالى لبعض دعواتنا، فقد يطلب احدنا من ربه ان يرزقه مالاً كثيراً، أو يعطيه سلطة وحكومة، من دون ان يعرف ان المال الكثير، والسلطة تفسده وتجعله ينسى نفسه ويطغى على الآخرين لذلك ما علينا الا سوى التسليم والرضا لامر الله وتقديره وقةله ( ومنا ننزله الا بقدر معلوم ) الانزال على نحوين على نحو التجافي على نحو التجلي وانزال الله تعالى للبركات والارزاق يكون على نحو التجلي فهو المتصرف الحقيقي والمالك للكائنات وجميع الاشياء لذلك يفيض بقدر حاجة ذلك الشئ وما يصلحه لذلك عندما اطلب حاجتي منه او من وسائطه التي امرنا تعالى باتخاذهم وسيلة يكون متعلق طلبتي ان اطلب ما يكون فيها صلاحي وفق ارادة الله لا وفق ارادتي ...
مقتطفات من محاضرة المربية الفاضلة : ام منتظر الاحمد والتي قدمتها في سفرة أم البنين عليها السلام عصر يوم الاثنين 1435/6/13في
الحسينية الهاشمية بالمنيزلة