لا عجب ان تصدر هذه الكلمات البلاغية العظيمة من الإمام علي بن ابي طالب (ع) فحسبها مستوحات من القرآن الكريم وممزوجة بمضامينه وعلومه المتعددة مثل مقامات الربوبية والتوحيد والكون والخلق والقيامة والنفس والاخلاق والشكر والتوكل على الله بما انه صاحب علم الكتاب المذكور في القرآن { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } (سورة الرعد 43) الذي ذاب في جوفه وهو كذلك ذاب في جوف القرآن كما قال نبي الاسلام محمد (ص) { علي مع القرآن والقرآن مع علي } فلا غرابة فقد كانت ولادة الامام علي ابن ابي طالب (ع) في جوف الكعبة المشرفة بيت الله الاول على الارض فهذا الحدث الذي لم يحدث لأحد غيره قط انما دلالة هذا التشريف المعجز لتهيئته المتقدمة ومكانته من الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم (ص) وللدور الذي خلق من اجله.
هذه بعض الاقوال المنتقاة من سيرة الامام علي (ع) وبجانبها وضعنا الآيات المقتبسة منها او من مضامينها للمقارنة وتوضيح النهج الذي دأب عليه فقد سبق أقرانه في هذا المنحى البلاغي الرفيع بعيدا عن الشعر والخطب الجاهلية كيف لا ؟ وهو من اعتمد على تأويل القرآن الكريم في اقواله واحكامه وقيادته للامة هذا القرآن الذي يعيش بين جنبيه فقد كان اول من حفظه وكتبه بخط يده من الصحابة الكرام وهو القائل : (سلوني قبل أن تفقدوني... فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية في ليل نزلت أو في نهار أنزلت مكيها ومدنيها سفريها وحضريها ناسخها ومنسوخها محكمها ومتشابهها وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم) .
(أمثلة وشواهد) :
|
|
|
يامن أرقدني في مهاد أمنه وأمانه . | أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا . | |
من غير أن تمارس فيما ابتدأت به لغوباً ولا علاجاً . | وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ . | |
إنّك قادر على ما تشاء، تؤتي المُلك من تشاء، وتنزع المُلك ممّن تشاءُ، وتُعزُّ من تشاءُ، وتُذلُّ من تشاءُ بيدك الخير، إنّك على كلّ شيء قدير، تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل وتُخرج الحيَّ من الميت، وتخرج الميت من الحيِّ، وترزق من تشاء بغير حساب . |
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ . |
|
وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان . | الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ . | |
وأنزلت من المعصرات ماءً ثجاجا، وجعلت الشمس والقمر للبريّة سراجاً وهّاجاً . | وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ، وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا . | |
وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنهِ وإحسانه . | وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا . | |
إلهي.. كيف تطرد مسكيناً التجأ إليك من الذنوب هارباً . | فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ | |
وكيف لا تكون كذلك وأنت خالق كلّ شيء، لا إله إلاّ أنت ، كلّ شيء هالك إلاّ وجهك أكرم الوجوه . | وَلَا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . | |
ولا تحيط بك الأمكنة ، ولا يأخذك نوم ولا سنة . | اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ . | |
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الّذين أمرت بطاعتهم ، وأذهبت عنهم الرّجس ، وطهّرتهم تطهيرا . | إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا . | |
نور السّماوات والأرضين وفاطرهما ومبتدعهما ، خلقهما بغير عمد ترونها وفتقهما فتقا . | أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا . | |
واستقرّت الأرضون بأوتادها فوق الماء . | وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ . | |
فقامت السّماوات طائعات بأمره . | فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . | |
ثمّ علا ربّنا في السّماوات العلى ، الرّحمن على العرش استوى ، له ما في السّماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى . | تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا ، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى | |
وسبحان الله الّذي يجيب المضطرّ ، ويكشف الضّرّ ، ويعلم السّرّ ، ويملك الخير والشّرّ . | أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ . | |
أن أسبغت عليهم النّعم ، وأجزلت لهم القسم ، وصرفت عنهم النّقم . | أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً . | |
والتّوكّل في التّوفيق له عليك ، فلك الحمد حمد من علم أنّ الحمد لك . | وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ . | |
اللهمّ إنّي أسألك برحمتك الّتي وسعت كلّ شيء . | وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ . | |
لجعلت النّار كلّها بردا وسلاما ، وما كانت لأحد مقرّا ولا مقاما . | قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ . | |
وأنت جلّ ثناؤك قلت مبتدئا ، وتطوّلت بالإنعام متكرّما ، أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون . | فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ . | |
وكلّ سيّئة أمرت بإثباتها الكرام الكاتبين ، الّذين وكّلتهم بحفظ ما يكون منّي . | وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ، كِرَامًا كَاتِبِينَ ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ . | |
اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو يَرى ولا يُرى وهو بالمنظر الأعلى ، ربّ الآخرة والأولى . | وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى . | |
فالق الإصباح ، وفالق الحبّ والنّوى ، يسبّح له ما في السّماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم. | فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا .
إِنَّ اللهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى . |
|
اللهمّ ربّ هذا السّقف المرفوع المكفوف المحفوظ ، الّذي جعلته مغيض اللّيل والنّهار ، وجعلت فيها مجاري الشّمس والقمر ، ومنازل الكواكب والنّجوم . | أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . | |
رافع السّماء بغير عمد ، ومجري السّحاب بغير صفد ، قاهر الخلق بغير عدد . | اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ . | |
الحمد لله الّذي جعل رزقي في يده ، ولم يجعله في أيدي النّاس . | قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا . |
وهذه مناجاة للإمام (ع) استخدم فيها الايات الكريمة بشكل مباشر حسب المضمون والمعنى المراد منها فقال :
اللهمّ إنّي أسألك الأمان { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ. إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } ،
وأسألك الأمان { يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً } ،
وأسألك الأمان يوم { يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ } ،
وأسألك الأمان يوم { لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ }،
وأسألك الأمان { يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } ،
وأسألك الأمان { يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } ،
وأسألك الأمان { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } ،
وأسألك الأمان يوم { يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ. وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ. وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ. كَلاَّ إِنَّها لَظى. نَزَّاعَةً لِلشَّوى } .