في بعض الأحيان ، لا يخطر في مخيلة أحدنا أن تتعلق روحه بأجسادٍ دُفنت تحت الثرى، ليس بمعنى عدم الاكتراث للفقد، وإنما الإنسان بطبعه لا يستشعر معنى النِعم من حوله إلا حينما يفقدها ، حينها ما بين الحين والآخر يخطر على باله ذلك الفقيد الذي كان يعيش معه كامل لحظات حياته، ولا يبقى له إلا معاودة زيارته.
إن زيارة الموتى في قبورهم ، أمر حميد جدًا وله من السعادة البالغة لأرواح الموتى والأجر العظيم للزائر، كما أكّد عليه أهل البيت عليهم السلام.
يعيش مجتمعنا المنيزلاوي ظاهرة رائعة جدًا ، وجديرة بالإشادة ، إذ نرى توجه الكثير بمعاودة زيارة موتاهم يومي الإثنين والخميس في مقبرة المنيزلة.
نحن نتحدث عن كل فئات المجتمع بما فيهم النساء والأطفال ، يقرروا الذهاب من أجل لقاء أحبائهم من أهاليهم الموتى -رحمهم الله- هناك من يأتي ومعه كامل عائلته لزيارة موتاهم ، وهنا يأتي تكريس فكرة أهمية زيارة الموتى في أذهان الأطفال ، وقراءة ما تيسّر من القرآن الكريم، والترحم عليهم. ويدل هذا التواجد الكبير من المجتمع على مدى التلاحم وصلة الرحم بين الأحياء والأموات وإن غابوا عنّا في رحمة الله ، و
كما يدل أيضًا على الفهم العميق لأقوال أهل البيت عليهم السلام في معاودة زيارة الموتى ، حيث قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : "زوروا موتاكم ، فإنّهم يفرحون بزيارتكم" وعن الإمام الصادق (ع) في حديثه عن زيارة القبور : "إنّهم يأنسون بكم ، فإذا غبتم عنهم استوحشوا".
ولزيارة الموتى نصيب كبير من غفران الذنوب واستجابة الدعاء ، فعن اصبع بن نباتة أنه قال : كنت مع علي بن أبي طالب عليه السلام فمرّ بالمقابر فقال : "السلام على أهل لا إله إلاّ الله ، من أهل لا إله إلاّ الله ، يا أهل لا إله إلاّ الله، كيف وجدتم كلمة لا إله إلاّ الله؟، يا لا إله إلاّ الله بحقّ لا إله إلاّ الله ، اغفر لمن قال لا إله إلاّ الله واحشرنا في زمرة من قال لا إله إلاّ الله ، وقال الإمام عليه السلام ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من قالها إذا مرّ بالمقابر غفر له ذنوب خمسين سنة ، وعنه كذلك سلام الله عليه في حديثه عن استجابة زيارة الموتى : "...وليطلب الرجل حاجته عند قبر أبيه وأمّه بعد ما يدعو لهما".
ولزيارة الموتى أثر عائد على نفس الزائر وهي العظة والعبرة ، إذ قال أمير المؤمنين عليه السلام وقد رجع من صفّين فأشرف على القبور بظاهر الكوفة وقال: "يا أهل الديار الموحشة ، والمحالّ المقفرة ، والقبور المظلمة ، يا أهل التربة، يا أهل الغربة ، يا أهل الوحدة ، يا أهل الوحشة ، أنتم لنا فرط سابق ، ونحن لكم تبع لاحق ، أما الدور فقد سكنت ، وأما الأزواج فقد نكحت ، وأمّا الأموال فقد قسمت ، هذا خبر ما عندنا ، فما خبر ما عندكم؟ ثمّ التفت إلى أصحابه فقال: أما لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أنّ خير الزاد التقوى.
كما نلاحظ في أقوال أهل البيت عليهم السلام ، الفضل الكبير العائد على الميت والزائر ، فحريٌ بنا الحفاظ على هذه المعاودة الطيبة ، وهنيئًا لنا الأجر والثواب ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم موتى المؤمنين والمؤمنات وأن يتغمدهم بواسع رحمته.
التعليقات 1
1 pings
غير معروف
2021-02-20 في 10:51 ص[3] رابط التعليق
رحم الله موتاكم