سألتها كيف تتحملين حرارة التاوة التي تلامس أصابع يدك حين تديرين العجين عليها وعن سر الطعم اللذيذ في خبز "المطوي"
وسألتها هل خبز الرقاق والمطوي مهنة تقتاتين منها لقمة العيش أم هواية أخذك شغفها إلى أن تصنعيه بهذه اللذة؟
أم محمد بوشاجع واحدة من نساء بلدة المنيزلة ومن الكثيرين في منطقة الأحساء بل الوطن الخليجي والعربي ممن نراهم يصنعون هذا النوع من الخبز الذي ما إن ترى له مكانا في زاوية من زوايا السوق أو البيوت حتى ترى الناس مكتظة حوله تطلبه بشغف وحب.
الخبز المطوي وخبز الرقاق من موروثات دول الخليج ومن أكلاتها الشعبية التي اشتهرت بها خصوصا المنطقة الشرقية، وفي بلدة المنيزلة إحدى بلدان الأحساء وفي أحد منازلها، تسكن أم محمد مع أبنائها وبناتها تحتضن في كل يوم تلك "التاوة" كما تحتضن أحد أبنائها، تنظفها وتمسح عليها العجين وتديره كما لو كانت تدير الحياة بيدها لتدر عليها الكثير من محبة الناس وسعادتهم حين يطلبون منها أن تصنع لهم كمية من هذا الخبز.
تقول "أم محمد": كنت أعمل الخبز تقريبا من 15 سنة وهو عندي أسهل من الخبز المطوي إلا أن الإثنين عليهم إقبال كثير من قبل الناس وأنا لم أدرس الصنعة بل ورثتها من الأهل، وقد أدخلت على الطريقة الأصلية بعض الإضافات كالجبن والبيض وبعض البهارات كما قد يطلب أحد الزبائن، وهي إن كانت مهنة وصنعة أقتات منها إلا أنها تبقى لي سلوة وهواية وعشق أحب دائما أن أتسلى بها في أوقات فراغي وإن لم أصنعه للناس فقد أصنعه لأهل بيتي وأسعد حينما أرى سعادتهم بأكله وحين يتسابقون إلى الساخن منه مباشرة بعد صنعه من على التاوة، ولا أهتم لحرارة التاوة فقد ألفتني وألفتها.
وعن سر الطعم اللذيذ الذي يتمتع به هذا النوع من الخبز تقول: الناس تشتهيه وتحب طعمه لأنه من الأكلات الشعبية ولأنه خفيف ينتهي أكله بسرعة وعندما أضفت عليه بعض النكهات أصبحت الناس تزداد في طلبه.
الكثير بدأ يتعلم كيف يصنع هذا النوع من الخبز الشعبي ويطوره بنفس الإضافات التي ذكرتها "أم محمد" بل وقد نرى أنه أضيف إليه مؤخرا بعض النكهات كالنوتيلا واللوتس والكندر وبعض الفواكه وغيرها كثير.
تقول أم محمد وتعقب: كنا سابقا نأكله كما هو بدون إضافات إما نغمسه مع الحليب حين يكون في صورة مطوي أو نكسره ونضعه على المرق و"الصالونة" فتصبح لذيذة كالثريد.
وعن الفرق بين خبز الرقاق والمطوي تذكر أم محمد: لا يوجد فرق بينهما في طريقة العجن أو الطعم إلا أن المطوي نضيف إليه سكر أكثر قليلا ونصنعه مطوي باستخدام عصا تساعدنا في طيه ليصبح بشكل مختلف، وكلاهما عبارة عن طحين وماء وقليل من السكر وأحيانا لا نضع السكر خصوصا في خبز الرقاق لأنه في الغالب يستخدم لإضافته مع المرق.
تبقى الأكلات الموروثة والشعبية في ذاكرتنا وذاكرة أبنائنا نشتهيها في كل موسم وفي كل حين نشتم رائحتها فنعرفها ونتوق إليها تأخذ بنا إلى ذكريات سابقة وعهود ماضية وأيام حلوة كحلاوتها.
ملاحظة:
التاوة.. هي تلك الصفيحة من المعدن التي توضع على النار ليوضع عليها العجين
خبز الرقاق: أي ما رق من العجين حتى أصبح خبز خفيف جدا ولذا سمب بالرقاق
الصالونة.. هي مرق ولحم وخضار وتسمى يخنة في بعض البلدان