للنفس طاقة ترددية غير مرئية ينتج منها هالة من النور يمكن رؤيتها، تعتمد في قوتها وضعفها على نوع الحالة وقوة الشعور { اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } (سورة النور 35) فكلما كان الانسان بنور الله السرمدي متصلا عبر الايمان به وممارسة العبادات والأخلاق الحميدة والاعمال الصالحة الايجابية كلما ازدادت هالته توهجا والله يقول { تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } (سورة الفتح 29) وعندما يمارس الانسان الاعمال السيئة السلبية كلما خفتت هالة الايمان وتحولت الى ظلمة { يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ } (سورة الرحمن 41) وفي الحديث الشريف عن الرسول محمد (ص) يقول: (إنّ الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم) نعم فالقلوب هي العقول التي في النفوس كما أسلفنا فهي موضع التفكير والنوايا تنعكس منها هالة حول الجسد يمكن مشاهدتها بشكل طبيعي كهالة الشمعة او المصباح والقمر فقد جاء في تاريخ الأنبياء والأولياء عن النبي محمد (ص) انه كان لا يرى له ظل من شدة النور الذي يخرج منه وهي من علامات النبوة وكذلك يروى عن فاطمة الزهراء (ع) بنت النبي محمد (ص) انها كانت تزهر في محرابها أثناء العبادات كيف لا وهي سيدة نساء العالمين وبضعة من نور رسول الله محمد (ص) أبوها ووريثته حتى قالت عنها السيدة عائشة (رض) (كنا نخيط ونغزل وننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة) ونجد ذلك أيضا في الكثير من لوحات ورسومات للنبي عيسى (ع) وأمه الصديقة مريم العذراء (ع) ..
ولا نستغرب تلك الهالة النورانية في وجوه أولياء الله حتى في الوقت الحاضر فقد شاهدنا ذلك النور عيانا في وجه المرجع السيد علي السيستاني دام ظله اثناء زيارته المباشرة في بيته المتواضع بشكل واضح وجلي .
وينقل أيضا أحد الزائرين عن موقف مؤثر حين تعطلت إمدادات الطاقة الكهربائية والإضاءة خلال زيارة المرجع فكان ظلاما إلا أن وجه السيد كان يشع نورا بدا مميزا لاحظه من كان في المجلس ، فلا عجب من ذلك فمن كان مخلصا لله يسبغ عليه من نوره نظير إيمانه العميق في السر والعلن مصداقا لقول الله تعالى { وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } (سورة الأَنعام 122) .
ازدادت اليوم شعبية علوم الطاقة والهالة (الأورا) وكأن الانسان تعب من الماديات وبدأ يرجع الى اصل خلقته والاهتمام بالنفس وطاقاتها هذا العلم القديم بقدم البشرية نفسها يتجسد بأشكال متعددة عند اهل كل دين وحضارة فنراه تارة يسمى التأمل وأحيانا اليوغا وأيضا التاي تشي والريكي ومن اشكاله التحنث والصلاة والدعاء والتفكر .. تعددت الاسماء والهدف واحد فنلاحظ ان مضمون هذه الطقوس مشابهة لبعض لحد كبير من حيث الوضعيات والحركات ومن حيث الهدف منها فهي عملية اتصال داخلي باطني للنفس مع قوة نورانية تمدها بالقوة والطمأنينة والسلام وتشحنها بالطاقة الإيجابية للسيطرة عليها والتحكم في افعالها ونزواتها وتفريغها من الطاقات السلبية وتفلت الهوى والسلوكيات الغير صالحة ولهذه الممارسات شروط ومقدمات لتحقق أهدافها كالتهيؤ الداخلي والطهارة .. وهذا يدل على أن من علّموا البشر هذه الاعمال (الأنبياء والرسل) يستمدون تعاليمهم من مصدر واحد هو الله خالقهم والعالِم بأحوالهم وما يصلحهم .. { اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } (سورة الأحزاب 41 - 43) مع الالتفات الى اننا نتكلم عن وجه الممارسات العبادية الأولية الأصلية وإلا مع مر التاريخ والقرون تم تحريفها بالزيادة او النقصان واعطائها مسميات واهداف أخرى كما في الحضارات الشرقية فقد أدخلت في الرياضات والتشافي والشعوذة وغيره ذلك.
في العام 1939م قام العالم الروسي كيرليان وزوجته فالانتينا باختراع جهاز تصوير عالي التردد يظهر لون هالة الانسان وشكلها وفقا للحالة الشعورية وتفاعلاتها تتغير من لون وشكل الى آخر .. الهالة تظهر في التصوير تحيط بالأشياء ( انسان، حيوان، نبات، جماد ) عبارة عن مجال كهرومغناطيسي سماها العلماء المادة البلازمية الحيوية ..
ونحن نقول كما تكلمنا عن هالة الإنسان أنها حاصل وناتج شعوره وحالته النفسية نجد هذه الهالة كما أظهرها التصوير حتى في الحيوانات والنباتات والجمادات انما هي أيضا ناتجة عن وجود الحياة والنفس فيها وللتأكيد على ان لكل شيئ (ظاهر وباطن، غيب وشهادة، مادة ومادة مضادة) مما يدل على انها تملك مستوى معين من الوعي والإدراك - وعي مسخّر - يختلف عن وعي الإنسان وقد ذكر القرآن الكريم ذلك مرارا مثلا عن السماء والأرض { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } (سورة فصلت 11) وهذا ما يذكرنا عن اقوام سابقين عبدوا الأرض لاعتقادهم بأن الأرض لها روح ونفس وتشعر بما يجري عليها وهي حقيقة بغض النظر عن مسألة العبادة والله يقول { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا } (سورة الزلزلة 1 - 5) وفي آية أخرى حول التسبيح والعبادة { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } (سورة الإسراء 44) .
فكل شيء يسبح بحمد الله وخاضع له ولكن بشكل ولغة مختلفة عن لغة البشر لا نفهمها فقد يكون التسبيح عبارة عن مستوى تذبذب واهتزاز ذرات الأشياء والدوران في عالمها فالعلم الحديث يقول ان كل شيء متحرك على مستوى ميكانيكا الكم او الفيزياء الكمية التي تبحث في ما دون الذرة هناك حيث كل شيء غير ثابت يدور وفق معادلات وتوازنات تشكل جزيئات خامات العالم المادي المرئي والغير مرئي وفقا لمقدار تردد كل عنصر واهتزازاته – عالية ، منخفضة – فتتشكل الجسيمات والأمواج وسط عالمين متداخلين من حقول الطاقة والمادة كالجسد ذو تردد منخفض يمكن رصده أما النفس ذات تردد عالي لا يمكن رصده رغم وجودهما مع بعض في نفس الحيز .