هل لك أن تتصور أيها القارئ .. فلاحاً يحب أرضه كثيراً ويطمح بإمتلاكها يوما ما.. فيفرض عليه سيده (مالك الأرض) شرطا حتى يتملكها وهو أن يزرع فيها 12 بذرة لأزهار مختلفة ثم 4 بذرات لنوع واحد من الأزهار يختاره الفلاح بنفسه،وبنمو كل بذرة يتفرع برعمان فيصبح المجموع32 زهرة.. فيجدّ ويجتهد حتى تكبر الزهرات أمام عينيه يوماً بعد يوم ، وبآخر المطاف يفاجأه سيده ببذرة غريبة ويقول له هي من سنخ تلك البذور عليك باجتياز هذه المرحلة الأخيرة وهي أن تزرعها وبعد الحصاد تنال مبتغاك ! فيأتي الفلاح المسكين يزرعها إلا أن الحظ لم يحالفه ، فينقص الماء لرعايتها ولا سبيل لتحصيله إلا أن يتتبع أعماق جذور أزهاره السابقة وهي عملية شاقة مضنية!
فتكون النتيجة أن يخسر الأرض ومجهود السنين لا لتقصير منه بل لعامل من عوامل الطبيعة!
هذا هو حال خريجات الجامعات والكليات اليوم!!
فالخريجة اليوم هل كانت فيما مضى تفنّد طاقاتها عبثا؟! أم كانت توظفها للجدّ والاجتهاد والمتابعة حتى تتوظف؟
إن أسمى ما تطمح إليه الخريجة هو أن تجد ثمار سعيها ولو بعد حين ،فهي تعلمت 12سنة ثم تخصصت4 سنوات وفي كل سنة تجتاز اختبارين ليصبح مجموع ما قدّمته واجتازته وجنته 32 زهرة ( أعني 32 اختبار) وعند التخرج يحين الوقت الموعود لتعود للنفس فرحتها بتملك الأرض (أعني الوظيفة) التي قد وطأتها الأقدام سنوات طوال،فتندكّ من تحتها وتميد وتتزلزل تحت اعتبار وشرط أخير جديد فرضته وزارة التربية والتعليم متعاونة مع وزارة الخدمة المدنية ، هذا الشرط توسّد على أكتاف المركز الوطني للقياس لتتصاعد أبخرة الطموحات ومساعي الكثيرات ، فتفشل من تفشل وتجتاز من تجتاز عن بيّنة أسموهَا { كفاية } على زعمهم! ثم تعلق اللائحة العريضة بنص أعرض منها (وعليك أن تتصور المشهد) يقول:
اختبار الكفايات شرط أساسي للدخول في المفاضلة!
علماً أفيدك أيها القارئ أنها تفرض رسوم 200 ريال على كل طالبة تدخل الاختبار ،لا أعلم هل هي لطباعة الورق أم ماذا ! وأيضا تدخل هذا الاختبار القلة من الخريجات الحديثات والغالبية العظمى خريجات قديمات من أكثر من خمس أو عشر سنوات ، بالله أي نبوغ ذهني يستطيع حلّ أسئلة تحتاج حفظ الكثير بل وكل النظريات والقواعد المدروسة ،ولو فرضنا أن البعض تذكرت فأجابت فإن الغالبية العظمى لا تُلام لعدم تذكرها للمعلومات، ولا علاقة بين عدم التذكر وبين الكفاءة ! (تأمل)
فلو على فرض صحة اختبار الكفاية كدليل على الكفاءة فليشترطوا تبعا له أن تدخل المعلمة للفصل بعد أن تتوظف وتشرح الدرس من دون تحضير مسبق بإعطائها العنوان فقط ! ولمَ التحضير وهي كفاءة! فمن اجتازت اختبارا يحمل معلومات سنوات طوال ستُقدم شرحا مقننا لهذه المعلومات !
إذا أقول.. من اجتازت فالإنصاف يحكم أن هذا دليل على أنها تذكّرت المعلومات ومن لم تجتز نسيت ولا يدل أبداً على الكفاءة وعدمها(تأمل) ، وأنه لمن الطريف جدا أن تصح تسميته باختبار ذاكرة لا اختبار كفاية كغيره من اختبارات وألعاب الذاكرة ! وما يزيده طرافة هو اعادة هذا الاختبار واصرار على أحقيته ومدلوليته على الكفاءة! ، الحال هو الحال من لم تجتز بداية كيف ستجتاز ثانيا وثالثا والفارق الزمني هو هو والفكرة هي هي ،وهي استحالة مراجعة جميع دروس 16سنة لتقديم هذا الاختبار.
حتى يكون فعلا اختبار قدرات وكفاءات ينبغي أن تُعطى الخريجة منهجاً خاصا تذاكر منه في وقت الاختبار كالاختبارات ال 32 السابقة ، أو يكون اختبارا عمليا يكون حدّا وفيصلا في تحديد الكفاءة من عدمها.
للأسف الشديد هذا الاختبار الذي طبقوه سابقا على الخريجين والان على الخريجات أطاح ببعض الحقائق الثابتة وأصاب السيد (أعني العلم) بالشيخوخة قبل أوانها من فرط دفاعه عن حقيقته وأنه قابل للنسيان بسبب عوارض شتّى منها الشيطان والنفس والهوى ومن منّا لا يخطأ أو يذنب . ورد عن مستحق الكفاية في الرسالة والتعليم نبينا الاعظم محمد(ص):"إن العبد ليذنب الذنب فينسى به العلم الذي قد علمه" فيا جهات التعليم المختصة أقول لكم ماقاله النبي موسى(ع) لا تؤاخذوننا بما نسينا ولا ترهقوننا من أمرنا عسرا ، ونحن من نقول لكم [ كِفااااية ]وكافي تقتير وتضييق وخنق للطموحات وتعجيز للقوى والارادات ، من المفترض أن تُقترح الحلول وتوسّع الدائرة أو حتى تُضلّع وتفتح بلا حدود بدل أن تضيق وتتمركز حول نقطة اختبار القياس ،وإن كان ولابد من هذا الاختبار فليكن!
ولكن يقف خطا تعاونيا عرضيا بحيث من لم تجد اسمها في وزارة الخدمة تتجه لاختبار القياس، أكرر كزيادة فرصة لا لصحته وإثباته للكفاءة.
لكنهم وضعوه بالخط الطولي للتوظيف وتوقف حصول الوظيفة على اجتياز هذا الاختبار الذي أساءهُ الاختيار له كحكما وفيصلا على قدرات الخريجات التربوية والتعليمية .
فلا معنى يبقى من فرض هذا الاختبار إلا فلترة وتصفية الخريجات لأنها إن أرادت لها الوظيفة فسيكون!
ختاما .. باسمي وباسم الغالبية الطموحة من الخريجات أقول :
يا جدارة : بهذا لاختبار أو بدونه فإني جديرة وأقول لكفاية بأني كفؤ ولقياس بأني قستها فوجدتها كما أسلفت.
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
رثاء
2014-12-03 في 9:03 م[3] رابط التعليق
نشكر الاخت فقد كتبت واجادت بكل قوه
صحيح والله احلام تضيع بهالجداره
جاسم يوسف الياسين
2014-12-03 في 9:48 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوافق الأخت فيما تفضلت به، ولكن هذا واقع فرض علينا جميعاً، فالتذمر من اﻷنظمة لن يحقق لنا أحلامنا..!!!
طالما هناك حلم فحتما سيكون هناك هدف، والهدف مهره ثمين يتطلب منا بذل المزيد من الجهد؛ لقهر تلك التحديات بدلاً من بذل الوقت في التذمر الذي سيقف سدا منيعا لتحقيق أهدافنا.
صدقوني لو كان صوتنا سيغير شيئاً لصرخنا بأعلى اﻷصوات، ولكن مانراه الأنظمة تتعقد يوما بعد يوم، لماذا لانجعلها ساحة تحدي ومنافسة شريفة؟ نبذل ما نستطيع في سبيل بلوغ الحلم أو الهدف؟
بالنسبة للاختبارات ليست مما تعلمنا وإنما هي قياس لقدرات معينة، وهناك كتب قيمة في المكتبات، وهناك مواقع متخصصة في هذا الشأن، وهناك دورات تعقد أيضا، والكثير استفاد منها، فلماذا لانستفيد نحن؟
نصيحة: تشبثك ببلوغ الهدف والسعي الجاد لتحقيقه ستحققه حتما، وجعلك تعقيدات الأنظمة شماعة ستزيدك إحباطا فوق إحباطك!!!
دمتمةبود
ندى
2014-12-04 في 12:31 ص[3] رابط التعليق
الأخ الفاضل :
شكرا على الرد والتفاعل وبيان وجهة نظرك
لكنها ليست وجهة مغايرة لما وجد في المقال
فنرجو التأمل !
غير معروف
2014-12-04 في 2:21 م[3] رابط التعليق
نشكر الأخت ندى هذا القلم المتميز وتناولها هذا الموضوع والأحلام تبقى في مهب الريح حينما تقف معلومه تفصل بين ان تكون او لا تكون
ياسر الشايب
2014-12-04 في 9:51 م[3] رابط التعليق
الكتابة بهذه الجرأة وبهذا النفس أتمنى من الكاتبة تستمر فيما يتعلق بالمرأة في شؤونها التوظيف وغيرها من المجالات المختلف …… موفقه ان شا الله
جاسم يوسف الياسين
2014-12-07 في 4:14 م[3] رابط التعليق
الخاتمة لاتبرر المقدمة …فيجب أن تكون المقدمة كما الخاتمة، فسرد النص يجب أن يكون المعنى متفق مع جميع أجزائه، فمن غير المنطق أن احطم القارئ في مقال شاسع وأرفع معنوياته بكلمة.!!!
وجهة نظر.