من أجمل دلالات التّطور الإنساني أن تستبدل بعض المصطلحات في قاموسك بأخرى ، وبعض المواقف ببدائلها .
كأن تستبدل الإنسان الثائر لأتفه الأسباب بالإنسان الحليم ، وكثرة الحديث بالصمت المهيب .
فكلّ إنسانٍ لابد أن يقود مؤسسته الأخلاقية بنفسه ، ويعمل على تطويرها مما يتطلب وجود طاقة تحفيزية دائمة ، ومهارة اجتماعية تُثير الإعجاب وتجلب الاحترام.
وأينما حلّ وارتحل الإنسان تلازمه مؤسسته الأخلاقية وتتكشف أخلاقه في المواقف المختلفة .
إنّ بعض الردود السريعة تكشف نقاء السريرة فتُظهر القاعدة الأخلاقية القوية التي بُني عليها ذلك الفكر الإنساني.
روي أنّ أحدهم سبّ الإمام الشعبي فقال له :
إن كنتَ صادقا فغفر الله لي ، وإنّ كنتَ كاذبا غفر الله لك .
ولا أجمل من أن ينقل الإنسان صورة دينه ومعتقده فيمثّله أرقى تمثيل وخاصة عند أولئك الذين يهاجرون عن أوطانهم طلبا للعلم .
يقول الإمام العسكري عليه السلام :
( اتّقوا الله، وكونوا زينا ولا تكونوا شينا، جرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح )
ينقل أحد الطلاب المبتعثين أنه أثناء حواره مع أحد الطلاب الأمريكيين تطاول عليه الأخير فوصفه قائلا :
أنت عبد الرمال
فردّ عليه :
إنّ ماندرسه في أحضان أمهاتنا لايمكن محوه ، وكما تقولون : كما يكون الأب يكون الولد .
إننا عبيد الرمال نمتلك أقوالًا تشابه الماس والزمرد والياقوت وفي أعماقنا تكمن المناحل التي تستطيع أن تجني منها مافيه شفاء وسلام ، وقد تكون من طليعة الشاهدين على ذلك .
فلن يخفي عليك طبيعة من تعاشر ولا قراءة كتاب مفتوح أمامك .
ويبدو أن حديثي معه أثار استحسانا كبيرا في نفسه مما جعل صداقتنا ممتدة لما بعد سنوات التخرج.
إنّ بعض المواقفِ التي نمرُّ بها في حياتنا تتطلب قوة الكلمة ؛ فضعف الحائط يُغري اللصوص ، بيد أن هناك بعض المواقف تُظهر قوتنا برد بسيط يلمس فيه الآخرون جمال منطقنا المنحدر من قوة إسلامنا ، وكمابذر فينا رسول السلام صلى الله عليه وآله .
فمن يزرع الجوع والقسوة ليقتنع بحصاده المرير .