يعيش الإنسان ردحا من الزمن وفي ذاكرته كثير من الاحداث التي عايشها في حياته إلا ان هناك احداثا عابرة تبقى محفوظة وحاضرة بقوة في الذاكرة دون غيرها فما السبب يا ترى؟

نذكر هنا بعض الأسباب ومنها :

• 1 - كمية المشاعر الساخنة:

يكمن السبب الأول في كمية المشاعر والاحاسيس الساخنة والانفعالات القوية المصاحبة للحدث المتولدة منه مما سمح بنشوء نقطة على مسار الخط الزمني للأحداث في الذاكرة سواء كان الحدث يحمل طابعا إيجابيا ام سلبيا .

• 2 - التركيز على الحدث:

السبب الثاني يتناسب طرديا بعد السبب الأول فبعد انشاء نقطة حدث ساخنة في الذاكرة ان تم تذكرها مرارا مع الوقت والتركيز عليها سواء تفكرا وتصورا او تحدثا او سلوكا فعليا فسوف تثبت اكثر في الذاكرة ثم من الصعب نسيان الحدث .

نأخذ بعض الحالات كأمثلة تقريبية:

حالة حدث سلبية:

أصيب احد الافراد بحادث سيارة فنجى منه ، رافقته مشاعر ساخنة مليئة بالحزن والالم آنذاك ومع الوقت مازال يتذكر ويتصور ما حصل له بالتفاصيل ويتحدث عن ذلك بين فينة واخرى ، فهو في هذه الحالة عمّق ذاكرته بحدث سلبي يصعب نسيانه وربما يؤثر على بقية حياته .

والاجدر هو محاولة نسيان او تناسي الحدث ومسامحته حتى لا يترك اثرا سلبيا عليه في حاضره ومستقبله بسبب حادث مضى ولتحرير الذاكرة مما يشغلها يقوم بإغلاق هذا الملف المؤذي بقوة ارادته والتخلص منه باستثناء اخذ العبرة والاعتبار من الحدث واكتساب تجربة وخبرة جديدة.

حالة حدث إيجابية:

نجح احد الافراد بدراسته بمرتبة الشرف رافقته مشاعر ساخنة مليئة بالسعادة والفرح آنذاك ومع الوقت مازال يتذكر ويتصور ما حصل له بالتفاصيل ويتحدث عن ذلك بين فينة واخرى ، فهو في هذه الحالة عمّق ذاكرته بحدث ايجابي يصعب نسيانه وربما يؤثر على بقية حياته .

اذن قوة الحدث وحرارة المشاعر المتدفقة منه التي رافقته والتركيز عليه مع الوقت من اهم أسباب حفظ الحدث وعدم نسيانه بشقيه السلبي والايجابي.

هكذا يتم رسم خط الاحداث في الذاكرة النفسية (الفؤاد) فعلى الانسان ان يتخير نوع الاحداث الإيجابية الجميلة ويركز عليها ليتعلم منها ويحتفظ بزخمها التحفيزي على النفس وخصوصا وقت الازمات والاحباط وعلى العكس ينبغي نسيان الاحداث السلبية وعدم التركيز عليها كثيرا وتهويلها او تذكرها الا من اجل اخذ العظة والعبرة منها دون ان يحتفظ بزخمها النفسي المحبط وان لا يعيش اجواءها السالفة حتى لا تفسد حاضره .

إلا انه وللأسف كثير من البشر ينسى او يتناسى أيامه السعيدة وانجازاته السابقة ويتعلق بحدث سلبي بسيط ويضخمه فيدمر حياته بيده فهكذا انسان يحتاج ان يطور من أدوات التفكير لديه والتحكم في مشاعره وعواطفه وردود الأفعال بفن وذكاء .