كثرت في الآونة الأخيرة قضايا العنف الأسري ، وما ندفن قضية ونغفوا عنها وننساها إلا وتصحينا قضية أبشع منها ، وأشد وطأة وأكثر قساوة وآلاماً من أختها ، وبعض القضايا تجاوزت حد العنف ووصلت لحد إزهاق الأنفس البريئة ، وتطلعنا بين فترة وأخرى الوسائل الإعلامية وحتى وسائل التواصل الاجتماعية ، عن حوادث يدمى لها الجبين وأكثر المتشائمين قد لا يتوقع حدوثها في مجتمعاتنا ، خاصة ونحن ندين بأفضل الأديان والذي دوماً ما يحثنا على التراحم والتسامح والعفو ، ناهيك عن ما جاء في كتاب الله من آيات تحثنا على ذلك التسامح ، وما يجمد الدماء في العروق أن يقع ذلك الظلم بعلم أحد الوالدين من جهة الظالم ويستميت في الدفاع عن ظلم أحد أبنائه ، ناسياً أن عاقبة الظالم والحاث على الظلم والمتستر عنه قد وعدهم الله بالعقاب في الآخرة ، كما أنه لعنهم في كتابه في أكثر من آية ، وماذا بعد لعنة الله على الظالمين إلا الخسران في الدنيا والوعيد في الآخرة ، ولعل السبب الرئيسي في هذه القضية هو الوازع الديني ، فمن لم ينهه دينه عن إيقاع الظلم على الآخرين ولم يردعه رغم أننا في دولة تحكم بالكتاب والسنة ، ولا تأخذها في الحق لومة لائم ورغم أن الوسائل قد أفصحت عن كثير من الجرائم التي وقعت وطال منفذيها أشد العقاب ردعاً لهم ، إلا أن البعض استحوذ عليه الشيطان وأنساه ذكر الله ورسوله .
ولعل أبشع الجرائم شيوعاً ، تلك التي تمارس ضد المرأة ، وبالأخص من الرجل ضد زوجته ، هذه المخلوقة التي لا حول لها ولا قوة ، والعجب كل العجب أن تقع مثل هذه الحوادث في مجتمعات محافظة ، ولا تحرك ساكناً حيال ذلك ؛ بذريعة أن هذه الفتاة ليست من أفراد عائلتي أو لأي ذريعة أخرى مهما كانت ، ويأتي في المقام الثاني تعنيف الأطفال سواء كان ذلك من أحد أفراد العائلة أو من قبل الخدم والسائقين وقس على ذلك .
همسة في إذن المجتمع أين الأمر بالمعروف ؟ أين التراحم بيننا ؟ لماذا أصبح الوازع الديني لا يردعنا عن ممارسة الظلم وإيقاعه على الآخرين ؟ إلى متى هذا الصمت المطبق على من يمارس مثل هذه الأفعال المشينة ؟ لماذا لا يتم إبلاغ الجهات المختصة والتي فتحت جميع قنواتها مشكورة مع الحفاظ على سرية هوية المبلغ ؟ لا تنتظر الظلم حتى يأتي ليطرق بابك ، ادفعه حتى لا يكبر ونعيش في مجتمع كمجتمع الغاب .