بنظرة إيجابية نستطيع أن نقول :
تُنمي المشكلات في حياتنا مهارات التفكير الإبداعي ، وتقاوم الخمول الذهني .
إنها دليل على قدرة العقل البشري على اجتياز بحور الضعف لشطآن القوة .
وقد تتفاوت المقدرة العقلية في تقديم العلاج الأمثل لمشكلة ما إذ لابد عند حل المشكلة بطريقة صحيحة وضع حل ّ نهائي لها ، لا أن يكون حلّ مشكلة سبباً في إيجاد مشكلة أخرى.
سأقوم بسرد قصة جميلة تُساند معرفة الحلول المُجْدية للمشكلات والتخلص منها بأقل تكلفة مادية أومعنوية :
تعرّض صاحب مصنع صابون في اليابان لمشكلة مصنعية تتلخص في وجود بعض العلب الفارغة التي لم تعبأ بالصابون نظرا للخطأ في التعليب ، ولكي يتمّ التعرّف على الصناديق الفارغة من المعبأة ، اقترح أحدهم صنع جهاز يعمل بالأشعة السينية يوضع أمام خط خروج الصناديق بقسم التسليم ، ويكون بجانبه العمال لسرعة الفرز .
لكن هذا المقترح يبدو مكلفاً حيث تبلغ تكلفة الجهاز 200 ألف دولار .
وكان الحل الأقل تكلفة إن ركّبوا مروحة هوائية ، تُضبط قوتها بما يناسب وزن الصندوق الفارغ وبهذا تسقط جميع الصناديق الفارغة ، وقد كانت التكلفة لاتتعدى 100دولار .
وهكذا ينظر الإنسان لحل مشاكله ، للتخلص منها نهائيًا دون عودة بطريقة منهجية ، يقوده نحو ذلك تفكيره الإبداعي بآلية ذات قاعدة معرفية مدروسة أساسها :
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّب مِنَ الْقَوْل) (سورة الحج) الآية:24
لقد كان زمن كورونا أرضية خصبة لنمو سلسلة من المشاكل الأسرية ، كان أبرزها الطلاق ، وبعيدا عن توليد الحلول المُجْدية لحياة أسرية وزوجية آمنة ، فقد لجأ الكثير من الأزواج إلى افتعال المشاكل البسيطة ونبذ التفاهم ، فكان إشعال جذوة الخلاف لأسباب بسيطة جداً ، تسببت في فتح ملفات قديمة وانتهت بنفاد الصبر عند جميع الأطراف .
فقد كان الشجار لمرات عديدة في اليوم الواحد ديدن الكثير من الأزواج ، ولأسباب لاتُذكر كترك باب دورة المياه مفتوحا ، أو رمي القمامة ....
وقد نجح الشيطان وأعوانه في تفريق بعض الأسر ، وتشتيت شملهم ، وبدلا من إيجاد براءة اختراع في الفوز بحياة مستقرة في هذه الأجواء الممتلئة بالكبت والضغوطات النفسية ، انتهت الأمور لتحقيق ذلك الشر المبغوض عند الله تعالى وهو الطلاق .
وفي رواية نصّها الآتي :
إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ : فَعَلْتُ كَذا وكَذا ، فيَقولُ : ما صَنَعْتَ شيئًا ، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ : ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ ، قالَ : فيُدْنِيهِ منه ويقولُ : نِعْمَ أنْتَ .
إن الطلاق من الحلول الشائكة التي تخلّف وراءها مشاكل عويصة يصعب حلّها ، أو يكون حلّها مُثقلا بآثار جانبية عديدة ، أوّلها وجود أطفال يرزحون تحت ظلام الفراق ويتحملون عناء التشتت العائلي لبقية حياتهم ، وهذه النتائج في الغالب ما تتمخّض عن المجتمع الذي يتبنّى فيه الزوجان نظرات سطحية وغير عقلانية إلى الحياة .
هذا إلا مارحم ربي وفي حالٍ يصعب فيه المُقام ويصبح الطلاق من الحلول النهائية التي تُفْضي إلى السلام .