الحب دائما لا يكون إلا لشخص يهبكِ كل ما يستطيع وفوق ما يستطيع
يهبكِ دون مقابل
دون شروط
دون أن تطلبي ذلك
رجل يشعر بكِ حتى في أسوأ حالاته
مهما كان مريضا
مسافرا أو حتى ميتا
تلجأين له في كل حالاتك وتشعرين بقسوة الحياة وسوداويتها وظلمها حين يأتي الفرح دونه
تشعرين بأن السعادة لم تكتمل
وأن الحياة ستظل مظلمة مهما تجملت الأيام دونه
فلأطعم للفرح دونه
وغصات الأسى لا تنتهي
فلا هو يأتِ ولا هو يُنسَ
ما أقسى الحياة حين أدير وجهي أفتش عن ذلك الوجه المضيء فلا أجده
أبحث عنه دون جدوى لكن يقيني بأنه يشعر بي
يدعو لي
يحبني كثيرًا ولن ينساني مهما طالت المسافة
أبي عقد فرح أطوق به اسمي وأشعر بالفخر حين يتبع اسمي اسمه
الرجل الذي جاهد وكدح من أجلنا ثم في لحظة رحل دون وداع
نلجئ للكتابة ليس بدافع الحب بل بدافع الأمان الذي نشعر به حين نكتب من نحب ونخبئ تلك الرسائل الواحدة تلو الأخرى ونحن على يقين بأنه سيقرأ وسيشعر بكل حرف كُتب بل سيبادلنا المشاعر ذاتها
تعود بي الذاكرة إلى عام 1436 حين كنتُ في مواجهة مع ذلك الباب البائس بعنوان (العناية المركزة)
كنتُ في انتظار تخرجي الجامعي وترتيباته الأولية لكنما كل ذلك أصبح دون قيمة
لا يساوي شيء!
كيف لا ووالدي ينام على السرير الأبيض والمؤشرات لا تسر بتحسن حالته، لم تهنئ لي الحياة بل اثقلتني بالحزن الشديد
كلما عدنا بالذكريات إلى الوراء قليلا
كلما ازداد الحنين إلى أحاديثه
كلما افتقدنا صوته في المنزل!
كانت الأيام تثقلنا
تمر بألم وحسرة
ساعة فقط لنرى وجهه الملائكي ونلقي السلام عليه
لم تكن زيارتنا لوالدي ككل الزيارات بل كانت على نحو مجدول لا يتعدا دقائق معدودة
نتلهف لرؤيته
نشعر به ويشعر بنا بعيدًا عن كل ما يقوله الطب
لقد كانت جلطة ولم تكن جلطة فحسب بل آهات وحسرات نلفظها
نشهق دمعًا ونزفر وجعًا
لم يكن أباً بل كان معلما وأبا وحبيباً ورجلا لا ينسى ابدا
أصبحت أخاف رنين الهاتف
أتمنى ألا يأتِ الوقت الذي يتوقف قلب والدي لكنما الحياة لا تدرك تلك المشاعر
أو أن الأقدار لا تأبه لأحد
في آخر جمعة تلألأ وجه والدي كالقمر
تلألأ ليعلن رحيله عن هذه الفانية
صرخة تلو صرخة
آهة تلو آهة
دموع وحسرة
لم يعد أبي ولم نعد كما كنا
لم نعد نراه لكنه يشعر بنا ويشاطرنا تلك المشاعر
آخر جمعة لم تكن الزيارة تقتصر علينا لكن هناك الكثير من الأقرباء والمحبين توافدوا لرؤيته وكأنهم شعروا بأنه اليوم الأخير
أحد موظفي المستشفى: لم أتمالك ذاتي لألقي نظرة عليه، كان وجهه يشع نورا وإيمانا
امتلك القلوب لذا لم تتوقف الزيارات لديه وهناك من يتحسر وان كان لا يشعر بين أروقة العناية دون زيارة
لابد إن لديه من عمل الخير ما يكفي لذا حتى في أيامه الأخير قد حظي بقرب الجميع منه...!
التعليقات 1
1 pings
ابراهيم مسلم الرويشد
2020-08-15 في 4:43 ص[3] رابط التعليق
السلام عليكم وحمه الله وبركاته اشكر الاختى على هذا المقال الجميل والماثر بصراحه وكلمات في قمة الروعه والتعبير عن المشاعر الصادقه رحم الله اباها وجميع موتى المسلمين قلت شعرت بكل كلمه تقولها لاني عشت الم الفراق لوالدي رحمه الله وكنت اتخيل وجودي بالمستشفى معه في اخر ايام حياته وانا اقراء كلمات الاخت الفاضله اشكرك على كلمك وجعله الله اخر الاحزان لكل مسلم وشكرا. ابراهيم مسلم الرويشد بومحمد