انتشر مقطع لأحدهم وهو يسكب البنزين على جسد قطة وأشعل فتيل قسّوته في هذا الكائن الضعيف لتكتمل فصول جريمته بحرقها.
كان مشهداً جمع بين الألم والقسوة ، فقد أغلق الجاني مظلّة عقله ، فظهرت بوادر الجريمة وسط سيناريو حركي مرعب .
ربما لاتستطيع إجمالاً إتمام رؤية مقطع الڤيديو ؛ لأنه سوف يشوّه جميع معالم الجمال بداخلك ، بل سوف يأخذنا لعالم من الأسى الذي نحن في غنى عنه ، إذ تكفينا الحوادث الزمنية المُبعثرة هنا وهناك ، والتي نحاول الخروج منها بأي شكل كان .
لقد أدهشني وجود طائفة من السُّداة تظهر بين الحين والآخر ، تُلّوح للجريمة فتعنّف الحيوانات وتحتفل بجريمتها النّكراء ، وتصوّر أيضا لحظات الجريمة بكامل تفاصيلها ، وتنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ؛ لأنها تعد ذلك إنجازاً خارقا أو سبيلاً لنشر الدّعابة والطرفة .
قاتل الله القسوة وأهلها في قعر دارها ، وجعل الله صاحبها من الذين حقّت عليهم كلمته ، فيكون عبرة لكلّ مُعتبِر .
يُقال : ( إن الذوق السيء يقود إلى الجريمة )
بل إن الأسلوب الجريميّ جعل صاحبه مُحترِفًا ، يعمل بيديه بمهارة فائقة ، ويمتهن الجريمة بكل تفاصيلها .
وفي الوقت الذي يسعى فيه الفنان لنشر رسالة الجمال بين أطيافنا الاجتماعية ، ويسعى الحكيم لتوظيف الكمال في العقول ، يظهر متبني الجريمة ينشر جميع ألوان التعاسة بمنظر حرق تلك القطة الأليفة .
هذه القطة الكائن اللطيف الذي رافق الإنسان في جميع أطوار حياته من الطفولة للكهولة ، مستمتعا بحركاتها وذكائها وجمال التصاقها به .
إنّ هذا الحادث المؤلم ، ذكّرني بحوار جميل دار بيني وبين ابنتي الصغيرة ، حينما قالت لي : أتعلمين يا أمي أن هذه القطة لها شأن كبير عند الله تعالى ؟
قلت لها : وأنّى يكون ذلك ؟
أجابت :
إنّ جدّتها الكبرى كانت سبباً في دخول امرأة مجرمة النار ؛ حيث حبستها ولم تطعمها !
إذاً لابد من وجود قانون يعاقب عليه أبناء الجريمة تلك ، ويمنح هؤلاء الكائنات الضعيفة حقها في العيش بأمان .
كما أنّ نشر ثقافة اللين والرحمة بين الناس أمرٌ ضروري لتوعية سفهاء العقول ، وحماية الكائنات الضعيفة بجميع أصنافهم .
فطالما لازم الرفق الخير في جميع سبله ، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله :
( من أُعطي حظه من الرفق فقد أُعطي حظّه من الخير )
لقد وصف الإمام الصادق (ع) الرحمة في الله بالحياة ، فكيف يرجو رحمة الله من سلب هذه البهائم المُعجَمة حياتها ، وهي لا تُجيد الشكوى إلّا لله تعالى ؟!
الحياة قيمة كبرى ، وهبنا الله أنفاسًا نركض خلف قطارها السريع فأما يكون ركضنا للخير أو للشر .
وفي رحلتنا السريعة لابد أن يعترض الموتُ طريقنا ، عندها سوف نشاهد ذلك الشريط السينمائي لفلم أنتَ بطله ، فهل سوف تكون أيها الإنسان بطلا شريراً أم بطلا سلك جميع مسالك الخير ، وترك بصمة حياتية جميلة ؟!
في نهاية حزني من أجل تلك القطة المنكوبة حرقًا تذكرتُ قول توفيق الحكيم :
(بورك من ملأ حياته بعمل الخير لأنه أدرك أنها أقصر من أن يضيعها بعمل الشر )
التعليقات 1
1 pings
بومحمد
2020-07-22 في 10:20 م[3] رابط التعليق
لا فض فوك كلام جميل