المنيزلة نيوز - سهام طاهر
القيم الخلقية بين المثالية والواقع
شرح سماحة السيد منير الخباز ليلة البارحة أن تغير الطباع قابلة للزوال على نحو الاقتضاء لا على نحو العلية التامة كمن وصل رحمه طال عمرة اقتضاء وليس علة واجبة وكالبكاء على الحسين تعطي النفس استعداد للتوبة والمغفرة وليست بالضرورة والعلية التامة القطعية ان تصل به الى درجة التوبة والمغفرة لا سيما مع ارتكاب المحرمات أو المحذورات .
هذا ما نوه به في حديثه ليلة الخامس من محرم في حسينية الناصر بسيهات وفي وسط جمع كبير كان يتابعه بانتباه اذ كان عنوان حديثه يتمحور في محاور ثلاث وهي الصراع بين القيم الواقعية وخلق الانسان و روافد اكتساب القِيَم والمُثُل ومراتب القِيَم بمراتب الإنسانيّة
وانطلق سماحته بهذه الاية المباركة (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) - النحل، 90
موضحا ان الفرق بين علم التربية الوضعي الذي ينادي ببقاء الانسان على ما هو عليه من قيم ومبادئ فالمهم أن يكون بينه وبين الآخر عقد عدم الاعتداء كلا على الآخر وبين علم التربية الاسلامي الذي ينادي بالتحلي بالقيم العادلة والفضائل كما نادت بها جميع الاديان السماوية سابقا كالعدل والعفة والصدق وغيرها
ثم استأنف ( سماحته ) حديثه بالدخول في المحور الأول مفرقا بين الروح والجسد فالروح هي الوجود النوراني الذي خلقه الله في عالم الذر يسبح ويشاهد عالم الربوبية والجسد هي تلك النفس التي ترتكز على حركة عالم المادة فتصوغ الشخصية البشرية وأي عامل مادي يؤثر على النفس لا على الروح كالعامل النفسي والغذائي المؤثر للنطفة منذ بداية تخلقها في رحم الأم وكعامل الوراثة بالجينات الذي يحمل تأثير الاباء والأجداد وكعامل الرضاعة فان اللبن يعدي ويغلب على الطبع فلا تسترضع الحمقاء وهذه العوامل مجتمعه تنعكس على حركة الانسان اي نفسه المادية
وفي المحور الثاني تطرق سماحته عن روافد اكتساب القيم وأشار الى خلاف بين الفلاسفة الذين يقولون ان غريزة حب الذات موجودة لدى الانسان فهو اناني بطبعه والعرفاء الذين يقولون ان للإنسان لديه غريزة حب الذات وغريزة الرحمة التي تأتي نتيجة التربية لذلك الفضائل تتلخص في نزعة الرحمة والرذائل تتلخص في الانانية والإنسان بين النزعتين يستطيع ان يغلب احدهما على الاخرى
وبين أن علم التربية الحديث يقطع بان التغير في النفس البشرية وتحويل الانسان من جاهل الى عالم لابد ان يكون لديه ثلاث عوامل تحدث تغيرا ذو أثر في نفسه وهي العامل نفسي والعامل التعليمي والعامل تربوي
فمتى ما حسنت تلك العوامل وصيغت جيدا واجتمعت فيه بأثر جيد أحدثت الفارق بينه وبين أي انسان آخر جاهل وكذلك فمتى ما اجتمعت تلك العوامل فلها ايضا تأثيرا على تغير خلق الانسان وطباعه وهذا ما اشارت اليه النصوص القرآنية الكريمة
ثم عرج ( سماحته) الى المحور الثالث والأخير من حديثه الذي تحدث فيه عن اختلاف مراتب القيم باختلاف مراتب الانسانية فقيم الانسان على درجات وليس المطلوب منه ان يصل الى اعلى درجات تلك القيم بل يمكنه ان يصل الى مراتب معينة من تلك القيم ومن اهم صفات والقيم التي يجب أن يصل اليها هي صفة الاحسان فهي عطاء بلا مقابل ولا يكون ذلك إلا بصفاء النفس ولا تصفو النفس إلا بقدرتين الاولى أن تفرق بين الشخصية وعملها والثانية أن تبتعد عن الانانية وحب الذات
واختتم حديثه هذا بأن ضرب مثال بالأئمة الطاهرون عليهم السلام حيث كانوا مظهر للرحمة والإحسان كما الحسين سلام الله عليه حين اسقى القوم المعادي حين اشتد الحر عليهم بالرغم من انهم اتوا لقتالهم ودخل بعد ذلك في استعراض أحداث معركة الطف وليالي العزاء .