?تعتبر مظاهر التهنئة والتعزية مظاهراً إيجابية وسلوكيات حضارية تعمل على تعزيز الترابط بين شرائح المجتمع المتنوعة بعيداً عن مستواها المادي والديني والثقافي .
?تجاوز صفوف المهنئين والمعزين المنتظرين لفترات زمنية طويلة سلوك خاطئ يدلل في كثير من الأحيان على ثقافة سطحية ، وقلة وعي ديني ، وتجاوزاً للعرف الاجتماعي ، وهبوطاً في مستوى الآداب .
?كثير من الهمس واللمز الذي نشهده بين صفوف المعزين والمهنئين هي من نتائج عدم احترام البعض للنظام وعدم التزامه بدوره ، لأنه لا يعبئ بالنظام واحترام الدور ، أو يعتقد أنه الأفضل ليتقدم عليهم .
? لماذا يصر إنسان في تهنئته أو تعزيته على المصافحة الطويلة والتقبيل والاحتضان والتقاط الصورة التذكارية غير مكترث بصفوف المنتظرين لفترات زمنية طويلة ، وهي سلوكيات غير مقبولة شرعاً ولا عرفاً ؟!!.
?لماذا لا يدرك المفرط في المصافحة والتقبيل أن جميع الحاضرين انتظروا أوقات طويلة لتقديم تهنئتهم وتعزيتهم ، بل يتسابق بعضهم مع الزمن كي يحضر موعداً أو مناسبة أخرى ؟!! .
?حينما يتجاوز إنسان أو مجموعة من الناس النظام ، ويتخطى الصفوف ، فهو يعطي لغيره حجة غير مقبولة في تجاوز النظام وتخطى الصفوف ، وكأن حال بعضهم يقول : إذا أردتم أن تلزموني باحترام النظام والالتزام بالدور فألزموا هؤلاء بذلك !! .
?إن الروايات الواردة عن النبي (ص) وأئمة أهل البيت (ع) حول توقير الكبير وإظهار الاحترام والإجلال له ، فليس معنى ذلك اقتصار ذلك على الكبير و الطاعن في السن فقط ، إنما يشمل صاحب الوجاهة والمنزلة والمكانة سواء كان إنسان يتمتع بمنزلة دينيّة أو ومكانة علميّة أو وجاهة اجتماعية.
?إن مبادرة المنتظرين في صفوف المهنئين والمعزين إلى فسح المجال لعالم الدين من دلائل تبجيل الكبير ، واحترام منزلته ، وتقديراً لدوره ومكانته المتميزة في المجتمع ، فقد روي عن النبي (ص) أنه قال: « مَنْ وَقَّرَ ذَا شَيْبَةٍ فِي الْإِسْلَامِ ، آمَنَهُ اللَّهُ- عَزَّ وَ جَلَّ- مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
?حينما يتواضع عالم دين أو شخصية اجتماعية ويقف كغيره في صفوف المعزين والمهنئين -حتى مع وجود مسوغ شرعي لتقديمه ، فهو سلوك أخلاقي رفيع يجعله في موضع القدوة الحسنة ، ويُكبره في أعين الناس ، ويزيد من احترامهم له .
?إن تقديم كبير السن والمريض في مناسبات العزاء والتهنئة يدلل على رقي إنساني وخلق رفيع ، وقد بيّن الإمام السجّاد (ع) فقال : وأمّا حقّ الكبير فتوقيره لسنّه وإجلاله لتقدّمه في الإسلام قبلك ، ولا تتقدّمه ( أي تمشي أمامه ) ولا تستجهله ، (أي لا تعيره اهتماماً).
?يعول على أصحاب المناسبات الاجتماعية نشر ثقافة الاحترام للآخرين بطلب الاستئذان من صفوف المنتظرين أثناء تقديم الضيوف القادمين من الخارج .
?لنعلم أن تقديم أي إنسان سواء كان ضيفاً أو عالماً أو شخصية في صفوف المعزين و المهنئين لايتم من خلال فرض الواقع على الناس ؛ بقدر نشرها كثقافة حقيقية ، وجعلها قناعة اجتماعية تتجلى فيها مظاهر الإجلال والتوقير لمثل هؤلاء الناس .
? الاكتفاء بالجلوس والاستغناء عن المصافحة ، والبعد عن الإفراط في التقبيل والاحتضان ، ورفع اليد أمام أصحاب المناسبة أثناء الدخول الخروج سلوك واع من ممارسيه ، ويعمل على تقليل ساعات الانتظار الطويلة التي يتحملها مئات المهنئين والمعزين .
?اكتفاء أهالي البلد الواحد بالمشاركة الحضورية ، وتقديم العزاء لمرة واحدة يعطي مجالاً واسعاً للمعزيين القادمين من المناطق الأخرى لتقديم عزائهم وتهنئتهم بدل انتظارهم لفترات زمنية طويلة.
?ثقافة التغيير للأحسن في العادات والسلوكيات الاجتماعية تأتي من المبادرات الفردية الجادة التي تبدأ من التزامي أنا وأنت وهذا وذاك بالنظام واحترام الدور في المناسبات الاجتماعية حينها تنتشر لتكون ثقافة اجتماعية سائدة بين الناس ، تدل على تمسكنا بعاداتنا الاجتماعية ، وقيمنا الدينية ، واحترامنا لبعضنا البعض ، ومظهراً من مظاهر التكاتف والتآزر ، والله يقول : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.