لا شك ان التبرع بالدم من شعائر الله العظيمة فهو من مصاديق إحياء النفوس وإنقاذها من الهلاك وله اجر عظيم كما قال تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) وفي العصر الحديث تطورت التقنيات الطبية لكيفية سحب وحقن الدم وتبادله بين البشر بطرق مجربة ساهمت في إنقاذ الكثير من الناس .
ونذكر هنا أهمية الحالة النفسية للمتبرع بالدم لما لها من أهمية على الصعيد النفسي والجسدي وكذلك كعمل دنيوي وأخروي .
الكثير من الناس مر بتجربة التبرع بالدم وربما مرارا عبر مختبرات بنوك الدم في المستشفيات أو الحملات التي تجريها العديد من المنظمات الاجتماعية ذات الطابع المدني والإنساني ..
ونذكر هنا بعض المشاعر الإيجابية التي تعتري المتبرع بالدم ومنها :
١- يشعر المتبرع بالدم بحالة إيمانية عالية لأنه سعى الى تلبية فطرته الإنسانية في مساعدة الآخرين وكسر حاجز حب الذات والأنانية.
٢- التبرع بالدم خطوة جيدة تعطي المتبرع دفعة للأمام بتقديم المزيد من الخير للآخرين .
٣- تعتبر عملية التبرع بالدم محطة شحن إيمانية وتعبأة روحية متجددة تقضي على الهموم الحياتية يبقى مفعولها الإيجابي طويلا .
4- احتساب الأجر والثواب الأخروي من الله لان العملية تتم بمسمى (متبرع لوجه الله) .
5- يحصل المتبرع بالدم على العديد من الفوائد الجسدية منها إنتاج خلايا دم جديدة ومعرفة نوع الفصيلة والاطمئنان على حالة الدم الصحية بشكل عام .
وفي مقابل المشاعر الإيجابية تطرأ بعض السلوكيات السلبية لدى المتبرع بالدم ونذكر منها على سبيل المثال وذلك للاحتراز وعدم الوقوع فيها بقصد او دون قصد :
١- يشعر المتبرع بالدم بنشوة العمل التطوعي الذي يقدمه دون مقابل بأغلى ما يملك بنية التقرب الى الله إلا أن البعض يضعف في هذه الحالة ويبدأ (الرياء والعجب) بالتسلل لنفسه ليحبط عمله وذلك بمساعدة وساوس الشيطان التي لا تنتهي وهذه من الحالات الخصبة التي يتواجد فيها بقوة لتخريب النية الحسنة ويخالطها بالرياء او العُجب في موقع التبرع ..
اذن فلننتبه من هذا الشرك الخفي والتحصن منه بالنية الخالصة لوجه الله في السر والعلن .
٢- بعض المتبرعين أثناء عملية التبرع نراه يكثر من الكلام مع من حوله او يتكلم عبر الهاتف بأعلى صوته ليسمع الحضور بأنه (الآن يمارس عملية التبرع بالدم) وهذا سلوك يدخل المتبرع في دائرة الرياء والعجب بالنفس مما يفسد النية الخالصة لوجه الله فلو كانت كذلك لحرص على الهدوء والسكينة وعدم الكلام الا للضرورة .
٣- تصوير السلفي من قبل المتبرع ونشر الصور في برامج التواصل الاجتماعي والتشهير بها سلوك غير سوي وكأنه يريد القول للناس (ها انا ذا البطل المتبرع السخي) .. ومما لا شك فيه ان هذا التصرف يندرج تحت أنماط الرياء والعجب المشين الذي يضيع جزاء العمل الأخروي الصالح ويذهب به أدراج الرياح فإن كان لوجه الله فهو لا يحتاج لهذه الصور والوثائق لأن الله لا يضيع اجر من عمل وهو المصور العليم الخبير .
٤- الحديث بالهاتف النقال أثناء التبرع بالدم ينبغي الحذر منه لخطورة موجات الاتصال على النفس والجسد فالأنسان كائن ذبذبي تتداخل معه ذبذبات الاتصال الراديوية وقد حذرت الكثير من الدراسات العلمية والطبية من آثارها السلبية على صحة الإنسان فما بالك الذي يقوم باستقبال هذه الموجات على هاتفه للتحدث أثناء سحب الدم منه ؟!
التبرع بالدم عبارة عن (عملية نزف دموي منظم ومقنن) فينبغي عدم التساهل او العبث بأي شيء في الأثناء لتجنب المخاطر المحتملة ووضع الهاتف على جنب فالوقاية خير من العلاج .
٥- يصر بعض المتبرعين للقيام مباشرة من الكرسي بعد التبرع ليثبت رجولته وقوته وانه بخير ولم يحصل له شيء (تصفيق) وهذا سلوك غير صحيح وله مخاطر معروفة فينبغي للطبيب المباشر او الممرض عدم السماح للمتبرع بالقيام من موقعه الا بعد الراحة بضع دقائق وتناول احد السوائل المعدة لذلك والتأكد من حالته الصحية فقد حدثت الكثير من المشاكل بسبب هذا التصرف الخاطئ والاستعجال كالدوار والدوخة او الإغماء .
نصيحة وأفكار للمتبرع :
بعد أن ذكرنا بعض النقاط المهمة في عملية التبرع بالدم وما لها وما عليها من إيجابيات وسلبيات ننصح المتبرع ان يهذب العملية ويقضي وقته بالمفيد ويستثمر هذه النشوة الإيمانية النادرة بالهدوء والطمأنينة وعدم العبث بأي شيء آخر ..
فماذا لو قام المتبرع في الأثناء بأشغال نفسه بالدعاء له ولوالديه وطلب المغفرة من الله وان يبعده عن الرياء والعجب وان يكون عمله خالصا لوجهه الكريم وشكره على نعمه وتوفيقه ويمكن ايضا قراءة بعض سور القرآن التي يحفظها .. ويتم ذلك في اتصال مباشر بينه وبين الله الذي هو اقرب له من حبل الوريد ويسمع نداءه ويرى عمله ويعلم نيته .. فإن الله لا ينظر الى صوركم ولا الى أجسامكم ولكن ينظر الى قلوبكم ... كما ورد في الحديث الشريف .
التعليقات 2
2 pings
2018-11-01 في 6:05 ص[3] رابط التعليق
أحسنت جميل ما كتبت أخي … فقط تعليق علمتنا الحياة بأن لا تؤخذ الأمور من ظاهرها فلربما ما تنطوي عليه النوايا أجل وأسمى … أعني لربما المصور السلفي أو المتحدث بصوت عالٍ يكون غرضه من ذلك السلوك هو غرض ايجابي في التقليد أو غيره وعموما أيا كانت نواياه فشكرا له لذلك وفقط لنتعلم شيء أن الأعمال هذه عائدة على صاحبها بكل آثاراها.
عبدالله البراهيم
2018-11-01 في 4:28 م[3] رابط التعليق
احسن الله اليكم ..
نعم الموضوع له عدة اوجه واحتمالات .. وذكرت هنا ابرزها من اجل الحيطة والحذر والاستفادة منها دون الخسران ..
ودائما يقال ما في الداخل ينعكس على الخارج من السلوك والعكس صحيح .