تعيش المجتمعات العربية والخليجية حالة من الهيَجان العقدي والأخلاقي المنحرف والضياع المالي بالاتجاه إلى الماديات وتقليد مجتمعات أخرى يظنها الفرد عندنا - وخاصةً الشباب - بأنها الأكمل والأصح والمتميزة والأكثر إبداعًا وتطورًا من مجتمعه ؛ بسبب دخول الانترنت واستخداماته الساقطة والقائمة على الماديات والاستثمار والمتاجرة بالشعوب العربية والخليجية التي هي تشكل محوريّة القلب المادي النابض لأولئك المتاجرين حتى جعلونا محطة لاستدرار الأموال والربح المطلق ..
وجاءت الضربات قوية لسهولة الوصول للإنسان عندنا لاسيما الشباب من خلال إحلالهم عقديًا وأخلاقيًا فبالتالي توالت الناس إلى الهاوية لتصبح رغباتهم واحتياجاتهم هائجة وشغوفة للتغيير والتجديد والتقليد في كل شيء بدءًا من العقيدة والأخلاق واستمرارًا لوتيرة الانحراف صعودًا ولم تتوقف ولن تتوقف ...
ولم يستطع المتاجرون الربح السريع والسيل المادي الهادر من جيوبنا إلى جيوبهم إلا بتغيير الفكر عندنا وغسله وإعادة تركيباته أولاً وإخراجنا من ضوابط الدِّين ومحدوديَّة الطموح على مستوى التغيير والتجديد والعصرنة بالحداثة الملوَثة وكذبة التطور وإفشاء التحلل ومسخ القيم وتزييف الحقائق.
ولأنهم استطاعوا الوصول إلى الأَسرَّة في الدُّور والبيوت بتمرير الهواتف الذكية لأيدينا ثم أدخلوا التطبيقات المخيفة للمرور بها للكاش الفعلي .. جئناهم فاتحي أذرعتنا وجيوبنا بالاستغفال وقلة الحال .. وفهمنا الخطة - إن كنا فهمنا أصلاً - بطرق شهوانية شيطانية غبية تبِعنا فيها الملذات وفتحنا صنبور الدفق ( الجيوب والمعتقدات والأخلاق ) وهم قصدوا الربح السيَّال في الثلاث الجنبات ونالوه ونحن من أنلناهم إياه غباءً وجهلاً من خلال الأمثلة التالية لا للحصر :
• مطاعم ومجمعات
( والداعمون لها من خلال الإعلانات أناس يسترزقون بأجرة الإعلان وهم أصلاً لايذهبون إلى المطاعم ولا إلى المجمعات )
• سفريات
( وكل الذين يروجون للسفر أناس ليس لهم علاقة بالسفر فقط هو عبارة عن تسويق للشركات والتُّجار ويأخذون أجرهم ثم يعودون حيث أتوا وكانوا )
• خلاعة الشباب والفتيات
( وكل الناشرين للإباحيات والفجور والتفسخ والخلاعة هم أصلهم جاؤوا من فجور وهذا عيشهم وهذه حياتهم وهم في الأصل ممثلون لاحقيقة لهم ولا واقعية صادقة وكلهم مدسوسون بمعرفات وأسماء غير حقيقية وغربيَّة وباعتراف الجهات نفسها ) .
• الإلحاد
( وهذا أيضًا ممن عملت عليه الجهات المشبوهة ليل نهار لإشعاله من خلال بعض المستشرقين والمندسين وغيرهم في وسائل التواصل ولم تُجدِ كل مساعيهم لتسريبه وتسريَته نفعًا إلا عندنا وبيننا نحن العرب وبسهولة عن طريق الهجمة الإنترنتية الشّعواء وتمكنوا من ذلك جليًا والغاية من ذلك هي أنه كلما ابتعد وانسلخ الإنسان العربي عن الدين .. مباشرةً اتجه للمادية والشهوَنَة والإغواء وكلما انتُزع من قيَمه وقيمته والتزامه .. احتاج أكثر وصرف أكثر بازدياد أهوائه وحيوانيته ومصاريفه وتوجهاته ومشترياته وعبثيته ... ) .
? ونحن المساكين الذين نطبق كتنفيذيين بإبداع :
( مطاعم طال عمرك وصورتين واحنا نطقطق بالمعلقة والا نمزمز في العصير ونرسل وقرايبنا والمضافين عندنا يقلدون واليوم الثاني تلقاهم بالمطعم )
( سفر من ديرة إلى ديرة وكل سفرة بمبلغ وقدره وصورتين ورانا خضرة وبحر على خفيف ونرسل بهالصور للي حولنا وبعد يومين تلقاهم المساكين على أقرب رحلة مطيرين العش )
( وعاد هنا نجي لمسرحيَّة الشباب : البداية طبعًا غالبًا تكون من الإنترنت فهو الشرارة الحارقة ، الولد يتعرف على البنت والبنت تتعرف على الولد وخذ لك مهازل .. وهذه كل يوم فاصخة شيء وطالعة للشارع والا البقالة والا المنتزه والأخ كل يوم شاق شيء من ملابسه وشايل الشيلة بالزقارة ويفرفر ، وذيك تقول الحجاب موب لازم وذاك يقول صج من قال إن الوجه حرام ... وعينك ما تشوف إلا الضياع اللي أويلاه عليهم بقلة عقلهم وصغر سنهم وجماحة عواطفهم مايدرون إنهم جالسين ينفذون خطة كانت مزخرفة ومرسومة لهم ومنها يدمرون عوايل ومجتمعات بأفعالهم .. وكل بنت تنزلق منزلق في الحجاب أو في عدم الالتزام وكل ولد ينزلق في منزلق المصيعة هو جزء لا يتجزأ من خراب داره وعياله مستقبلاً ومجتمعه وربما يكون سبب في أنواع العذابات التي يرسلها الله عز وجل على المجتمعات التي تشيع فيها الرذيلة ) .
? بعد الذي تقدم أقول :
هل لن يزل خطباؤنا الأفاضل في محرم القادم يجترُّون خُطب وعناوين البكاء والتثقيف في دروب مختلفة إلا تناول عناوين ضياع المجتمعات التي إن استمرت هكذا حتمًا لن تدُم هذه المجتمعات طويلاً مُسلِمة سالمة وسنستكمل الغربنة مستسلمين وذاك حين لن يفد الاسترخاء ولا الندم .
? ختامًا فقط أردت البوح
بأن 13 ليلة لايمكن تمر على الشباب والناس الموالين أكثر ملاءمة منها - توجهًا وحضورًا - خلال السنة وبما أن الأولياء قد بدا وظهر عجزهم عن تدابير أحوالهم أولاً ثم تدابير ورعاية وتربية عوائلهم للهجوم الكاسح من وسائل التواصل الحديثة وهيجان الحياة ثانيًا .. نستجدي من الخطباء استغلال الليالي المباركة وتناول هذه المهمات خيرًا من ألف خطبة وخطبة تتناول جوانب لا تتلمس مصائب المجتمع ولا تتدارك غرقه .. بهذا لانكون من النائمين ولا الغافلين أو المستغفَلين ..
ولا أنزّه نفسي ولا أبرئُها
مستغفرًا الله لي وللجميع .
مسكين من هالمساكين .. فارحموه
27 ذوالحجة 1439هـ
التعليقات 3
3 pings
ناصر الأحمد
2018-09-10 في 11:22 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع ..
أحيي فيك حسك العالي تجاه سلوكيات الفرد والمجتمع وما يطرأ عليها من تغيرات ..
مقال جميل استمتعت بقراءته
غير معروف
2018-09-10 في 12:54 م[3] رابط التعليق
صدق الله تعالى عندنما قال (قو انفسكم واهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) لكن للاسف اهمال الاهل والرقابة على الابناء هي سبب فساد المجتمع والثقة العمياء في الابناء والدفاع عنهم في كل شي
2018-09-11 في 5:50 ص[3] رابط التعليق
بورك في قلمك المتزن نعم يحتاج جيل الشباب بين الفينة والأخرى الى مثل هذه النصائح / في ميزان حسناتك