يتردد ذكر الأعمال الاجتماعية والضرب مع التركيز المحض بقوة على كيفية إدارتها وعلى من سيعمل فيها وعلى متطلباتها وسبل إنجاحها ، ويظهر جليًا الإطار المُحكم الذي يدور مداره وفي داخله البحث حول عنونة العاملين والمتصدين للعمل وكيفية التنفيذ الموصل للمُخرَج الناجح .
ونرى في المجتمعات الحراك المجتمعي للأعمال التطوعية والوعود المستمرة في شتى المجالات نحو عمل واقعي ينتظره الجميع .. ومن هنا ما يجب أن نقوم بالتنبيه عنه ونحتسبه للزمن ولنعتبره حُجة على جميع من يصل إليه هذا المقال في عيد الفطر العظيم :
ننادي بأعلى أصواتنا ، يا ناس يا عالم يا خلق الله ، إنّ العمل على بناء الإنسان وفلترة وتنقيح أفكاره وسلوكه ورفع من قيمته الإنسانية بكل فئاته آباء ، أمهات ، أبناء ، بنات ، الإنسان بجنسيهِ .. كلها معطلة خامدة متوقفة ممزقة آيلةً للأفول والنهاية ؛ لأن الكل يناشد بالعمل في الميادين المجتمعية لإقامة مناسبة أو فعالية أو تقديم خدمة من خلال مسجد أو مهرجان أو ملعب أو دعم أو أي ميدان مجتمعي آخر ، وهذا أمر في قبوله ومطلوبيته لا مُشاحة ولا جدال ، ولكن يا أرباب الأُسر والأعمال التطوعية وغيرها يا مثقفين يا مبادرين يا من تنادون الناس بالنزول للعمل على أرض الساحات الاجتماعية بصنوفها المختلفة ليل نهار .. هل عملتم على إنقاذ الجوانب الوجودية للإنسان من أتباعكم ومجتمعكم وبدأتم بعوائلكم ومحيطكم ؟
وعلى ضوء فرض الإجابة بلا - وهي الواقع والمرجح - نترجّاكم وننخاكم ونستجدي منكم الالتفات والتوجه إلى إِعمال الإنسان وأفكاره وتنميته أيدلوجيًا وسلوكيًا أولاً وثانيًا وعاشرًا ثم طالبوه وأنزلوه للعمل حيث تشاؤون لتركنوا بعد ذلك للفرح بنجاح مناسبة أو عمل من الأعمال الخالية - حتى لو أُنجزت - من قوة العامل بها وضعف قدرته في جوانبه الفردية والأسرية والتنفيذية وحتى جوانبه الدينية ...
بمعنى أن في جانب ضعف بناء أو تصويب الإنسان فكريًا وسلوكيًا نجد أن صِبيان تُنسخ وتُستهدف وتضيع ، فتيات تأفَل وتتفسّخ وتسيح ، آباء تضل الطريق وتستريح ، أمهات مهتريات وتستبيح ، وناتج نتاج الأغلب من الناحية الفكرية والسلوكية وتنمية بناء الشخوص 0٪ ؛ بدليل الواقع المُر الشاهد والشاخص بين ظهرانينا ، والذي سببه في الأعم - ولا أُنزه نفسي - أنه إما إنسان جاهل ، أو نائم ، أو غافل ، أو سالي ، أو منتبه عاجز يختلق ويجتر الأعذار اجترارًا ويتغنى ويردد : "قِلّ الحيلة عذاب .. واترك الحبل على القارب وكلنا بنموت" .
الخلاصة :
يجب العمل والتركيز على تنمية الإنسان قبل تنمية وإنجاز الأعمال ، وأن مآل المتطوع أو العامل في الرياضة ، في الدين ، في الأخلاق ، في أي عمل أو مجال .. للفشل استطرادًا دون جدوى مع عجز تام عن إصابة النجاح الراقي أو عن تحقيق المطلوب على وجهه المقبول أو الوصول للرجل التنفيذي الفذ .
ومن هنا نداء عاجل قبل أن يغرق المركب بالقرى والمدن بمن فيها جراء التخاذل بالتنحي عن تصويب البناء الإنساني باتباع الموجة والاستسلام للعصرنة والحداثة المنحطة والانغماس في الماديات .
وجلّ من قال :
" وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمَهلكهم موعدًا "
? الحل مع رؤية التطبيق :
بما أن الأعمال تقام والكل يُطالب بإنجازها وبالمشاركة فيها وبنجاحها دون أي حراك أو زاد معرفي وتنموي وتصحيحي باتجاه من يقوم بتلك الأعمال ويتبناها .. أردت المحاولة لجعل أو تغيير الفكر التطوعي والمجتمعي من التركيز على العمل إلى التركيز على بناء من يقوم بالعمل .. إلى بناء الإنسان نفسه من خلال تبني وصناعة مواد ووسائل من خلال التقنية الحديثة نتمكن عبرها من الوصول إلى الجهاز الذي يقتنيه الشاب والشابة بين يديه لنستطيع تغيير باطنهم ونكون مضادين للهجوم الإنرنتي من خلال ذاك الخدمي أو الرئيس للأسرة أو القائم بالعمل المجتمعي بتبني على أرض الواقع الدورات والمحاضرات والحلقات الدينية والندوات وأي مادة أو وسيلة معاصرة كانت بشكل موضوعي لذاك المتطوع ومنه إلى شباب وشابات المجتمع الذين بسبب ضعف أو غياب فكر وعلم ومعرفة الشخوص القائمة على أسرهم وعليهم وعلى أعمال بيئتهم صاروا كما نرى اليوم وما يزيد الطين بلة أن المجتمع وبدل أن يفعل كلٌ بتكليفه كقائدين للعوائل أصبحنا مستسلمين خاضعين خانعين للهجوم الفوضوي الذي غزانا من خلال القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي والانترنت بشكل عام لنردد ونحن ضعفاء "الشق أكبر من الرقعة " أو "ولا نستطيع مجاراة الوسائل ولا نستطيع أن نكون متخلفين ... إلخ " وكأن إصلاح الإنسان والجهاد في التربية والصناعة البشرية هي التخلف وبعد ذلك تجد اللوم والنقد اللاذع على العاملين والمتصدين لهذا العمل أو ذاك وقبلهم على الشباب الضائع .
? أمثلة للمطلوب في هذا الشأن :
نناشد القائمين على المجتمعات من متطوعين ومتصدين ومشائخ ومسؤولين بأن يعملوا على ما يصلح ويربي ويصنع الإنسان الذي هو : أب ، زوج ، متطوع ، مسؤول ، موظف ، خدمي ... إلخ ، من
خلال تغيير مسار الاهتمام الأصل بإقامة الأعمال المجتمعية ، فبدل أن يُقيم كل فعالياته وخدماته الاجتماعية على إنجاح مناسبة أو مهرجان زواج أو دورة في كرة القدم أو التركيز على البنية التحتية للملاعب ، أو النهوض بالرياضة ... إلخ
• أردناه أن يجعل ضمن هذه الخطط والمناشط .. أعمال وإصلاحات ويكثف منها وهي على سبيل المثال :
سبل إنجاح العمل الخدمي ، ما ورائيات العمل التطوعي ، المساعدة على إنجاح العملية الإدارية للخدمات المقدمة في المجتمع ، تنمية الموارد البشرية ، معالجة النشوز ، معالجة التفسخ ، خطط سلوكية للتصدي للهجمات الانترنتية ، تنقيح وتحليل مع فلسفة الفتاوى الفقهية وعدم تركها فقط سطحية حلال وحرام إفعل ولا تفعل ، زيادة وتبسيط المعرفة الدينية ، خطر الذنب وأثره على الحياة الدنيوية والآخروية ، أثر العمل الصالح على الحياة الدنيوية والآخروية ، فلسفة النظر الحرام ، فلسفة وتحليل آثار الحجاب أو التنحي عنه على المرأة والمجتمع ، كوارثية التساهل في الخلل بالحدود الشرعية على الإنسان والمجتمع ، تصحيح السلوكيات الفاسدة ، كيفية ضبط العلاقات على الانترنت وعلى أرض الواقع ، كيفية الحد من سوء استخدام الوسائل الحديثة ، تشريح الانحراف السلوكي والقيمي ومحاولة معالجته ... إلخ .
التعليقات 2
2 pings
2018-06-18 في 12:06 م[3] رابط التعليق
أحسنت ..كتابة جاءت من واعٍ يعي ما يدور حوله في المجتمع يشعر بحاجته ونقصه الذي بالفعل بات ناقوس يدق باب الخطر فالذات الإنسانية تحتاج الى بناء متواصل لا ينقطع أبدآ وحين جاءت النصيحة ب( أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) لامست بالفعل أن التغير يجب أن يبدأ من الفرد للمجتمع ومن الداخل الى الخارج .
واحدة من أسباب تراكم الهدم الذاتي وعدم الصعود به هو الجهل وواحدة من مقومات الجهل هو عدم إكمال الدراسة وواحدة من عدم عدم إكمال الدراسة هو عدم استشراف المستقبل بالشكل العملي المطلوب.
كل هذه الأسباب وأكثر لو تنظر لها الفتاة قبل أن تربط بمسئوليات جمة بعد زواجها وإنجابها أفراد جديدة للمجتمع وتقرأها القراءة الصحيحة لما كانت هناك أزمات ذاتية بهذا المستوى ولو نظر أيضآ لها الشاب قبل أن يكون أسرة ويخرج أفرادها للمجتمع بنظرة الجد والعمل لما أيضآ تأزم المجتمع.
على الأفراد شباب وبنات بناء ذواتهم أولا ومن ثم بناء ابناءهم ليبنى بعدهم المجتمع بلبنة حقيقية قادرة على العطاء في جميع مجالاتها لا سيما مجال التطوع.
عبدالله البراهيم
2018-06-18 في 8:47 م[3] رابط التعليق
احسنت اخي ابو روان ..
ذكرت الاشكال وننتظر منك الحلول والتطبيق ..
قضية التجهيل الاجتماعي لا تنحصر في مجتمعنا وحده وعزوف الاعمال التطوعية والمتطوعون والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي قضية عالمية لها اسبابها المفروضة من قوى متعمدة ولا ينجو منها الا ذو ايمان وعلم عظيم ..
الساحة مفتوحة لمن يرغب بالتطوع وجزا الله خيرا من بذلوا جهدهم وغلبوا المصلحة العامة فوق مصالحهم ووقتهم .. اما الاكثرية الناقدة المتفرجة لا تفكر الا في مصالحها الشخصية والتفرج من بعيد ولو هلك مجتمعه كله لم يحركوا ساكنا..
)الذي لا يعمل لا يخطأ) لانه بطالي ولا يفعل شيئ فلا يصدر منه اي خطأ وعلى النقيض تماما فمن يعمل يخطأ ويكتسب خبرات وبهذا يكون عرضة للنقد الجارح ممن يخدمهم بدلا من شكره وتقديره ..
رغم الاخطاء التي يرتكبها العاملون الا انها اقل تكلفة من المتفرجين الذين تركوا الحبل على القارب للعابثين وعدم مقاومتهم ..
فعلا هناك بعض التعصب الزائد من اتباع القيادات يضر بالمصلحة العامة .. فمنهم لا يحضر هذه الفعالية او تلك الا اذا كان المشرف عليها زيد من الناس ولو كانت فعالية ركيكة والعكس عندما تكون فعالية مفيدة لا يشجعها او يدعمها لانها تخالف توجهه او لان قيادته ليست القائمة عليها او ليس من عائلته او قريبه .. ابتلينا بالتعضب الاعمى الذي مزق المجتمع وجعل منه احزاب وجماعات كل يغني على ليلاه .. رغم انه لا بأس بالجماعات ان كانت سترفع من مستوى التنافس الشريف للرقي بالمجتمع وليست لتحطيمه ..
ينبغي علينا تشجيع الفعاليات لخدام المجتمع وبدون تحزب والرفع من المستوى الفكري للقائمين عليها ولو بجهد ذاتي فليس لدينا مؤسسات متخصصة للدعم الكامل فالعالم يظهر علمه للجاهل وهكذا .. وعلينا بالتواضع للكل لوجه الله وليس للوجاهة والمصلحة ..
المجتمع يحتاج لقيادة مخططة ترفع من شأنه في كل الجوانب وان كان هذا صعبا جدا فهناك من يخرب ويحبط الا انه بالتوكل على الله تسير الامور باتجاه اصحاب الخير والنوايا الحسنة..
ملاحظة ..
اتمنى ان تكون كتابتك للمقالات بأسلوب بياني بسيط ليستوعبه الجميع بعيدا عن تعقيدات وزخرفات اللغة العربية الصعبة .. فالبيان والبلاغة ما فهمه المتلقي وليس ما كتبه الكاتب .
وشكرا لطرحك هذا الموضوع الهام .