يروى أنه كان هناك لصا يسرق أسطوانات غاز البيوت فيقطع الطبخ على ربات المنازل فجأة دون سابق إنذار فما كان من رب الأسرة الإ أن يشتري الأكل ذلك اليوم من السوق عوضا عن تلك السرقة الى حين شراء أسطوانة غاز غيرها.
ولما ما كان من السرقة هذه فيها راحة لربة المنزل فقد استحسنت النساء السرقة فدعين اللص لبيوتهن وسرقة أسطوانة الغاز عمدا.
هذا هو حال الأيام في شهر رمضان الكريم في التعامل مع بعض المشاكل، بأن تستدعى اللصوص عنوة وتُدعى للدخول الى سرقتها من أساسها بدل أن تتم معالجتها وإصلاحها.
فما توالي وتدفق عرض المسلسلات الخليجية والعربية في شهر رمضان حتى التخمة الإ كلصوص أدخلت الى كافة البيوت لسرقة الكثير من الأمور فيها، ففي حين تُقضي الساعات في مشاهدة مسلسل تلو الآخر فهي تكون قد سرقت الوقت بشكل سريع ومريح للصائمين الجوعى المنتظرين موائد الإفطار على أحر من الجمر وأراحتهم من بقايا وقت قد يستغل في قراءات عبادية أو ثقافية أو معرفية أو فكرية أو حتى تأملية ذهنية.
وما قراءة بعض النصوص القراءة السطحية لها وتفسيرها بما يناسب الهوى والمزاج الا إراحة البال من الذنب والتبعات كأن تقرأ (ونومكم فيه عبادة) فلص النوم هذا محتال وماكر أقنع مؤيديه بأن النوم أصبح في مرتبه العبادة فمرحبا بنوم عميق الى أن تغيب الشمس وتفرش موائد الإفطار (أي لص هذا الذي أدخل بمزاج عال واحترافية كبيرة)
ثم ماذا عن لص السهر بين الديوانيات وفي الأسواق الشعبية وبين الزقاق حتى الساعات المتأخرة من نهار الشهر الكريم والى أن تحين صلاة الظهر فتصلى على بقايا النعاس الذي تململ حتى وصل، أو أحيانا لا تُصلى فقد يحين وقت النوم قبلها بدقائق
فمرحبا مرحبا بهذه اللصوص في شهر عُرف بأن الشياطين فيه تُغل، ولكن وبالرغم من ذلك سمحنا لأعوانه بأن تنتشر بيننا وتتغلغل طواعية لا إكراه ولا جبرا.
ولا أنسى لص الطبخ والموائد المتنوعة والبوفيهات الرمضانية وخيمات الإفطار المبهرجة فهو لص محترف من الدرجة الأولى يجعل الشغل الشاغل للمرء هو التفكير في ماذا يطبخ وماذا يأكل وماذا غدا سيأكل حتى ينقضي الشهر بطولة وعرضة ملون ومزركش بين المقليات والمشويات وما لذ وطاب وسيطيب.
وقد ألح علي لص بأن أكتب عنه قبل أن أختم مقالي وهو لص السوق الذي له من الأذرع ثمانية وتزيد ومن الأرجل عشرة وتزيد يذرع الأسواق يمينا وشمالا لا يكل ولا يمل ويقضي على الوقت بشكل يعجب محبيه بطريقة جميلة وخفيفة فلا يبقي من الليل الا سويعات تكفي فقط للسحور والإمساك على عجالة لا وقت لقراءة قرآن أو دعاء عند السحر فها هو الفجر قد لاح وأطل وانطوت صفحة يوم من شهر رمضان لتأتي أخرى وما أسرعه من شهر مر مرور خفيف ظريف يشبه مرور الكرام فارغ أجوف قد أنفضته اللصوص مجتمعة من كل معانيه ونفائسه.
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
مريم طاهر
2018-06-11 في 8:41 م[3] رابط التعليق
اللهم باعد بيننا وبين لصوص رمضان
أحسنتِ سهام لا فض فوك
مقال أعجبني وجعلني استرجع ما عملت في رمضان وما لم أعمله ?
2018-06-11 في 9:34 م[3] رابط التعليق
أشكرك حضورك الألق
غير معروف
2018-06-12 في 1:34 م[3] رابط التعليق
كلام جميل …. لاحول ولاقوه الا بالله من اللصوص
2018-06-18 في 12:09 م[3] رابط التعليق
أشكر لك هذا الحضور