من ذاكـرة التـاريخ
أحداث ومواقف لا تنسى
( الحلقة الرابعة )
المرحوم الحاج / جاسم خليفة البراهيم ( 1305 هـ ــ 1376 هـ )
هو الحاج جاسم بن خليفه علي البراهيم ابوخليفة سليل أسرة مشهورة بالعمل والكـد والفلاحة ، وهذا هو حال أكثر الذين عاشوا في زمانه ، إذ تعتبر الفلاحة المصدر الأول والوحيد لهم ورحم الله امرئ يأكل من عمل يده ، والكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله ، وهذا ديدن ضيفنا لهذه الحلقة الحاج جاسم البراهيم ، والذي يستيقظ فجر كل يوم متوجهاٌ إلى مزرعته ( المعمارة ) العسافي للعمل فيها طوال العام منذ الصباح إلى وقت الغروب ، فتراه تارة يضرب بمسحاته ( الصخين ) الأرض يحرثها وتارة بمنجله يشذب وينظف النخلة وتارة بالمحش يجز العشب ، يزرع ويسقي و ينظف ويبط ويحش ويخرف ويصرم ويسحت وينبت وو ...... لا يكل ولا يمل يداٌ خشناه يحبها الله ورسوله ، يأكل منها هو وعياله ويبيع منها ما يزيد على حاجته كي يوفر مبلغاٌ للحاجة ، إذ لا دخل له غير ذلك كما يستعين به في حالة الحاجة إليه لظرف ما ويستقطع من ذلك المبلغ جزءاٌ يخصصه إما للحج أو العمرة أو لزيارة أئمة أهل البيت عليهم السلام .
وهذا ما حصل بالغعل للمرحوم فبعـد أن حصد ثمرة عام 1376 هـ وأخذ ما يكفيه وعياله من الحاجة قام ببيعة واقتطع مبلغاٌ وخصصه لزيارة أئمة أهل البيت ( ع ) في العراق وإيران ، فما إن أعلن في البلدة عن انطلاق رحلة إلى العراق إلا وهو من أوائل المبادرين بالالتحاق بها يجذبه اشتياقه إلى زيارتهم عليهم السلام .
ربط الحاج أمتعته استعداد للسفر وأخذ معه كل ما يحتاج إليه من أوعية ، أوصى وأمن أبناءه على المزرعة والمنزل تسارع الأولاد رجالاٌ ونساء لوداعه والتزود منه ، لعلمهم إنه سوف يغيب عنهم ثلاثة أشهر فقط ، ولكنهم لا يعلمون أن القدر سوف يغيبه عنهم مدى الحياة ولن يراهم ولن يروه مرة أخرى .
شدت أحزمة الحافلة التي سوف تنقلهم إلى العراق بدأ الأهل والأحباب الكل يدير نظره للأخر معبراٌ بالدموع ألم الحزن والفراق ، انطلقت القافلة و تحركت رويداٌ رويداٌ كأنها تقول لأبناء المرحوم أن والدكم سوف لن يعود على ظهري وسأعود أنا ولكن من دون شيخكم الذي سوف اخلفه طريحاٌ هناك ، قطعوا المسافة ما بين السعودية والكويت دخلوا
الحدود العراقية سالمين ، تراوح لهم من بعيد قبة الإمام الذهبية على ساكنها آلاف التحايا والسلام معلنة وصولهم كربلاء ، حطوا رحلهم هناك ثم زاروا الإمام الحسين ( ع) مرة و اثنتين وثلاث .. وبعد أيام بقليل أصاب الحاج المرحوم جاسم البراهيم آلام جعلته طريح الفراش ، فكان لا يقدر على الحراك عدة أيام وعندما نزل القضاء قبضه الله إلى جواره رحمه الله ، فنهض جماعته وأسرعوا في نقله إلى المغتسل الخاص بالعتبة الحسينية وبدأ في تجهيزه وتكفينه المشرفين على المغتسل هناك ، ومن ثم صلوا عليه وأدرجوه في ملحودته في الصحن الحسيني الشريف بالغرفة التي على يمين السيد إبراهيم المجاب حفيد الإمام الكاظم، ابن أخ الإمام الرضا (عليهما السلام) ، فهنيئاٌ له مجاورة أبي عبد الله الحسين ( ع) ونيله شرف الدفن هناك رحمك الله وأسكنك فسيح جناته .
[caption id="" align="alignleft" width="279"] مرقد السيد ابراهيم المجاب عليه السلام في العتبة الحسينية المقدسة[/caption]
وقد كان حال الأهل والأقارب وأهالي البلدة بعد أن وصلهم نبأ وفاته بعد فترة من قبل القادمين من العراق ، إن حزنوا عليه و ترحموا عليه وفتح ذووه مجلسهم لاستقبال الناس لتقديم التعازي فيه ، واستقبلوا كل من جاء لمواساتهم في فقيدهم الغالي الذي قضى عن عمر يناهز الحادية والسبعين عاماٌ ، وقد خلف من الأولاد خمسة ثلاثة من الرجال وهم الحاج خليفة البراهيم أبو علي والحاج احمد البراهيم بو عبدالوهاب والحاج محمد البراهيم ابو علي واثنتين من البنات ( سارة ام علي كاظم البراهيم وفاطمة ام حسين علي شهاب البراهيم ).
رحمه الله وحشره مع محمد وآله الطيبين الطاهرين .
إبراهيم حسين البراهيم
الأحساء ــ المنيزلة
9 / 11 / 1435هـ
التعليقات 2
2 pings
2014-09-04 في 6:01 ص[3] رابط التعليق
رحمه الله وهنيئا له مجاورة الكرام أبناء الكرام
أحمد ابراهيم الحسن
2014-09-04 في 12:25 م[3] رابط التعليق
رحمه الله ..
وهنيئا له .. الدفن في أطهر بقاع الأرض
فخر لنا .. أن أبائنا وأهالينا من أهالي البلدة
يكافحون من أجل نيل زيارة الأئمة الأطهار
يعطيك العافية بوكميل