بقلم ابومنتظر الاحمد - المنيزلة نيوز
التقليد الاعمى بات سمة يتصف به بعض الافراد وإن جاز التعبير قلنا الكثير من أمتنا العربية للأسف الشديد يوجهون اهتمامهم على الشكليات بحركة او لباس او فعل...الخ متناسين ومتجاهلين المحتوى وما يحمله من رسالة سامية وهدفيه من ذلك الموقف أو العمل ، فأصبحنا امة في الكثير من امورها مقرونة بتقليد إما اعمى لا تعي مضامينها وتعمل على تجريده من محتواه ، متخذينها ضربا للسخرية والتندر والتحدي والتسلي .
وهذا يعطينا مؤشر على أننا أمة بسيطة وسطحية الفكر ومرتع للأفكار الدخيلة والأدهى والأمر عندما تمرر مثل هذه الاعمال على وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتتناقل بين الايدى يتبارى ويتنافس عليها الكبير والصغير والرجل والمرأة .
من منكم لم يشاهد أو يسمع عن سكب الماء البارد مع الثلج على الرأس وإطلاق التحدي لفلان وفلان ان يعمل مثل هذا العمل ، وكأنه عمل إنجازا وحقق تقدما في علم من العلوم أو اختراع او ابتكر جهاز او عمل برنامجا وعملا خيريا وإحسانا ماليا أو فتح مصنعا او مصحة صحية ...الخ ليتحدى به فلان وفلان للعمل مثله تشجيعا وحثا للاقتداء وشحذ الهمم .
هل سأل الواحد نفسه هذا السؤال سكب الماء البارد على الجسم من أين جاءت ؟
وما الهدف من هذه الفكرة ؟
كيف لنا ان نوظف مثل هذه الفكرة بشكل إيجابي تخدم أمتنا وبلدتنا وأسرتنا ...الخ ؟
القصة هي حول تحدٍ يعرف بـ Ice Bucket Challenge يقضي بصب الماء البارد على أي شخص يرفض التبرع بـ 100 دولار لصالح منظمة ALSA الخيرية والتي تعمل على مساعدة مرضى التصلب العضلي الجانبي الضموري والمعروف بداء Lou Gehrig.
ساتيا ناديلا المدير التنفيذي لمايكروسوفت نقل هذا التحدي لوادي السيليكون وسمح بصب الماء البارد على رأسه تعبيراً عن دعمه لجهود منظمة ALSA
ثم قام ساتيا بنقل التحدي إلى المدير التنفيذي لجوجل لاري بيج الذي قبل التحدّي وقام بسكب دلو من الثلج على نفسه في جو مرح خلال إحدى الحفلات الداخلية في الشركة العملاقة:
حاكم ولاية نيوجيرسي الأمريكية نقل التحدي إلى مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لفيس بوك الذي لم يتأخر بقبول الدعوة، وطالب عبر صفحته على فيس بوك مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس بأن يحذو حذوه .
يبقى أن تقودنا كل هذه النقاط السابقة إلى السؤال الأهم والذي قد يشغل القارئ: ما الفائدة من طرح هذه التجربة ؟ وما هو سر هذا الهوس العجيب بهذا الأمر ؟
الإجابة تتكون من كلمتين: Viral marketing أو التسويق الفيروسي الذي يعتبر أحد الطرق السحرية في عالم التسويق، تقوم فكرة هذا الأسلوب من التسويق على الفيروس العضوي أو الرقمي والذي اشتق منه اسمه ، حيث تقوم فكرته على الإنتشار بين الأفراد (من شخص إلى مجموعة من الأشخاص) بشكل سريع ومتضاعف، ويعتمد هذا الأسلوب على 3 محاور:
الرسالة: تكون شيء مثير للاهتمام مثل (لعبة – فكرة – معلومة - تحدي .. الخ)
المرسل: وهو سر نجاح هذه الطريقة، حيث تنتقل الفكرة من شخص إلى أشخاص قريبون منه ويعرفونه جيداً، ولذلك تتمتع بثقة عالية ودرجة عالية من التجاوب
قناة اتصال: تعتبر وسائل الاتصال الحالية وأبرزها الشبكات الاجتماعية خير وسيلة لنقل ونشر هذه الفكرة على الأخرين .
ولعل أشهر حملات التسويق الفيروسي التي شهدها عالم الانترنت هو (إيميل هوتميل Hotmail ) حيث كانت خدمة البريد الإلكتروني مدفوعة ومحصورة على رجال الأعمال، وفي بداية عام 96 فقام المؤسسين بطرح هذه الخدمة مجانا بشكل دفع الكثير من المستخدمين للإقبال على الخدمة ولعل عبارة (احصل علي ايميلك مجانا) كان لها وقع السحر حتى اشترك بها ما يقرب من 12 مليون مستخدم خلال عام ونصف فقط ليصبح أضخم معدل نمو في تاريخ الانترنت، مما حفز مايكروسوفت لشراء هذا الموقع وضمه إلى
خدماتها.
ولا شك أيضا ان الفيس بوك نفسه كان سر نموه الضخم يرجع إلى التسويق الفيروسي، فحينما يجد الشخص صديقه مشتركاً ولديه صفحة تعرض إهتمامته يتشجع هو الآخر للاشتراك وتجربة الخدمة، ولعل هذا هو السر الذي أعتمد عليه مارك زوكربرج ولم يكن يريد إنشاء مجرد موقع اجتماعي عادي مثل ماي سبيس وغيره .
كان تجربة سطل الثلج مميزة حقاً ، حيث شجعت كل هذا الكم من النجوم ولا يزال إلى خوض التجربة بغرض المشاركة او التحدي ولذلك فإن الفكرة تضاعفت شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى نطاق واسع
وبعيداً عن وادي السليكون فقد انضم إلى تحدّي Ice Bucket Challenge حتى الآن الكثير من المشاهير والشخصيات المعروفة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أمثال كريستيانو رونالدو، ليونيل ميسي، أوبرا وينفري، جينفير لوبيز، والعديد من الشخصيات الأخرى، حيث تعبّر تصرفات مثل هذه عن مدى تواضعهم وإنسانيتهم وتفاعلهم مع قضايا الناس الاجتماعية ممّا يكسبهم تعاطف الجمهور ومحبته.
إذا الآن اتضحت لنا القصة الحقيقية والهدف منها إنما هو تعبير عن تضامن مع مرضى التصلب العضلي الجانبي الضموري وإطلاق تحدى الهدف منه جمع التبرع لمساعدة المرضى فنظروا كم تم جمع من هذه الفكرة والتي تعد إحدى الطرق التسويقية للفكرة نعم حققت أهدافها من لفت انتباه الكثير من الناس نحو معانات المصابين بهذا المرض وكذلك اتخذت اسلوبا لجمع ملايين التبرعات المالية .
ولكن البعض أخذ القشور وترك اللب ، وهذا ما نأسف إليه فنظروا الى الخطوة الايجابية التي أخذها الدكتور السوري المقيم في بريطانيا مهند ملك باقتراح تحدٍ مماثل أطلق عليه اسم “سطل مي عربي بارد” يهدف لجمع تبرعات لصالح مؤسسة جسور سوريا المعنية بتوفير التعليم للطلاب السوريين.
[box type="note" ]هذا ما أقصده وما أرمي إليه فكيف لنا أن نستثمر أى حدث أو فكرة كانت غربية أو عربية لصالح أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا ، وكفانا جريا وراء التقليد الاعمى المجرد من الفكرة والمضمون الحقيقي.[/box]
التعليقات 1
1 pings
2014-09-09 في 9:02 م[3] رابط التعليق
للاسف البعض من الشباب اعتبرو الامر مسابقة .. كالمسابقات العادية
ولم يلتفتو لاصل الموضوع والفكرة
يلا كب الثلج .. هههه