الجزء اﻷول
?الغذاء الإيماني والروحي عنصر هام وغذاء أساسي متكامل في حياة المؤمنين ، بل هو الغذاء الأكثر أهمية من الغذاء المادي في حياتهم .
?للبناء الروحي مستويات متدرجة يحتوي كل مستوى على نوعية من البشر يصنفون كل حسب درجة إيمانه وعلمه ، وتتمثل في خمس مستويات وهي : النكوص والشلل والجفاف والنشاط والاستنفار الروحي .
? أغلب المؤمنين يعيش حالة الجفاف الروحي بسبب البعد عن مصادره الحقيقية ، لذلك فهو كالطفل المريض الذي تعرض لحالة الجفاف بسبب فقدانه لكثير من السوائل من جسمه ، حينها لابد من إعطائه جرعات معنوية تعويضية تعوضه ما فقدته من غذاء تخفف حالة الجفاف التي تعرضت له روحه.
?يفترض أن يعيش المؤمن في كل يوم نشاطاً روحياً مستمراً كي لا يصاب بأي حالة من حالات الجفاف الروحي ، بل هو بحاجة إلى استنفار روحي استثنائي في المواسم العبادية التي تزخر بالكم الهائل من مصادر الغذاء الروحي الذي يمكنه من استغلالها لتقوية حالته الإيمانية والروحية.
? العيش والحياة معنيان متناقضان في الدلالة والجوهر والنتيجة ، لذا تجد معظم البشر يتصارعون على الملذات المادية ليلبوا حاجات أجسامهم ورغباتهم كي يحظوا بأطول مدة من العيش في عالم الدنيا ، غافلين عن تغذية أرواحهم كي تخلد في عالم الدنيا والآخرة.
? أغلب من البشر في عالم الدنيا هم في حقيقتهم أموات وليسوا أحياء لأنهم يبحثون ويلثون عن مقومات العيش فيقضون معظم حياتهم في البحث والسعي عن المقومات المادية التي تقوم وتضمن حياة واستمرارية أجسادهم لفترة زمنية محدودة ، ولايكترثون في إحياء أرواحهم التي ستظل خالدة أبد الآبدين.
? عُد غذاء وحياة الروح أهم ومقدمة على غذاء وحياة الجسد ، لأن الجسد مآله للفناء والزوال ، بينما الروح باقية وخالدة إلى أبد الآبدين ، والله عز وجل يقول : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }.
? للإنسان ميتتان أما الميتة الأولى فميتة قهرية تشمل كل البشر تتمثل في موت أجسادهم وخروج أرواحهم منها ، أما الميتة الثانية وهي الأهم فهي ميتة اختيارية وتتمثل في إماتة النفس وكبح جماحها ، وتتم من خلال العلم والمعرفة والأخلاق ، وإخراج حب الدنيا ووساوس الشيطان منها ، كي ترتفع روحه إلى مراتب عليا في سلم درجات التعلق بالله .
? الكمل من الناس وهم القلة يعشون في حياتهم الدنيوية بالميتة الثانية بحيث يقتلون ويخرجون حب الدنيا من أنفسهم ، ويبحثون عن مقومات الحياة الحقيقية لأرواحهم ، فيقضون معظم حياتهم في السعي عن سبل المقومات الإيمانية والروحية ، ويفكرون في إحياء أرواحهم بما يضمن لها حياة خالدة في عالم الدنيا والآخرة .
? إذا ضمن الله للمستشهدين في سبيله عبر جهادهم الأصغر حياة دائمة لأرواحهم في عالم الدنيا ، وحياة خالدة في عالم الآخرة ، فما حال ومصير أرواح أُناس جاهدوا أنفسهم بجاهد مضني عبر عنه رسول الله (ص) بالجهاد الأكبر ؟!!.
?يعيش بني البشر أثنا عشر شهراً معظمها مملوكين للدنيا وملذاتها ، فهل يصعب عليهم أن يقفوا حالات من حالات الاستراحة ليتحرروا عن ملذاتهم الدنيوية في ثلاث أشهر جعلها الله فرصة للتغيير والبناء الإيماني والروحي تمكنهم من تعويض ما فاتهم من أعمال الخير والعبادات ؟!!.
? إن للذة المعرفة والإيمان لذة لا يستطعمها إلا من ذاق حلاوتها وعايشها ، بل أن الشعور بحلاوة هذه اللذة قد تنسيه لذة الجنة ونعيمها التي كان يترقب دخولها، وهذا ما يبدو جلياً في قصة حبيب النجار حينما انشغل عن الجنة ونعيمها وخاطب قومه في قوله تعالى : قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ،بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ.