الجزء الأول
? يتوجب علينا إدراك حقيقة مهمة تتعلق بحياة أئمة المساجد وخطبائها وهي : أنهم شريحة اجتماعية من حقها أن تعيش حياة كريمة ومستقرة كما يعيشها غيرهم ، وهذا لا يتم إلا من خلال تفهم الناس لظروفهم المادية ، ومراعاة التزاماتهم الأسرية ، وأوضاعهم الاجتماعية .
? لا يمكن أن نطلب من أئمة المساجد وخطبائها خصوصاً أصحاب الدخل المتدني منهم الالتزام بمهامهم الدينية ، وأدوارهم الاجتماعية إلا حينما تتظافر جهود المجتمع لتوفير متطلبات العيش الكريم لهم ولأسرهم ، خاصة مع الظروف المادية الصعبة التي يعيشها معظم الناس في هذا الزمن .
? من الإنصاف أن نشير بالبنان إلى وجود شريحة من أئمة المساجد المخلصين في أعمالهم ، والمتقنين في إدارة مساجدهم ، والمواظبين على صلاة الجماعة ، والقائمين بأدوارهم الريادية ، والمتحملين لمسؤوليتهم الدينية وأدوارهم الاجتماعية ، والعاكفين على توعية الناس في أمور دينهم ودنياهم ، والمتقبلين لكل انتقاد يوجه لهم في كل وقت .
? يعتبر أئمة المساجد من أهم العوامل الرئيسية التي تلعب دوراً مهماً في ظاهرة جذب أو نفور الناس من المساجد ، وهو جانب حساس يتحفظ الكثير عن التحدث عنه أو التطرق إليه ، كونه جانباً يحمل في طياته كثير من الإشكالات والتساؤلات.
? ترتبط ظاهرة نفور وعزوف الناس عن المساجد المرتبطة بعامل أئمتها وخطبائها في ثلاث جنبات رئيسية وهي : حيز الكفاءة العلمية والصفات الشخصية ، ونمط الإدارة والنشاط ، والدور الديني والاجتماعي وتبعاته.
? ترتبط كفاءة ومكانة أئمة المساجد وخطبائها عادة بالتحصيل الحوزوي والأكاديمي والمستوى الأخلاقي الذي تنعكس هي الأخرى على طريقة إدارتهم للمساجد ، ونوعية النشاطات والبرامج التي تتخللها ، ومستوى أخلاقياتهم مع شرائح المجتمع .
? أول الجنبات الرئيسية المتعلقة بأئمة المساجد وخطبائها هي حجم الرؤية التي يحملونه عن أهمية المساجد في المحيط الاجتماعي ، والأدوار التي يمكنهم القيام بها في هذا المقام ، والتي تنعكس بدورها على حيوية أو تقاعس المساجد والنشاطات القائمة فيها .
? تنظر معظم الشرائح الاجتماعية إلى أئمة المساجد وخطبائها نظرة القدوة الدينية ، والمكانة الاجتماعية المتميزة ، لذلك فإن أي خلل في جوانب أخلاقهم ونشاطاتهم يؤدي إلى تفاقم ظاهرة نفور الناس عن المساجد وقلة الإقبال عليها .
? ترتبط حالة انجذاب الناس للمساجد في كثير من الأحيان بأخلاق وسلوكيات أئمة المساجد وخطبائها ، لذا فإن تمتعهم بصفة البشاشة ، ورحابة الصدر ، والأسلوب الراقي والحضاري ، وتحمل زمام المسؤولية ، والتغاضي عن الأخطاء والهفوات ، والتواضع الجم مع الجميع ينعكس إيجاباً على ظاهرة ارتياد الناس للمساجد.
? يعتبر اختلاف الانتماء الديني لمراجع التقليد بين أئمة المساجد وخطبائها حالة طبيعية ، لكن الخطأ الذي وقع فيه البعض للأسف الشديد هو توظيف هذا الاختلاف ليلعب دوراً في نشوء الخلافات والنزاعات بين أئمة المساجد أنفسهم أو مع مرتادي المساجد ، أو بين شرائح المجتمع الواحد .
? إن تحجيم اختلاف التوجه الديني للمراجع بين أئمة المساجد وخطبائها ينعكس إيجاباً في رقي نظرتهم للأمور ، ويبين مدى حرصهم على الوحدة الاجتماعية ، كي يكونوا في مواطن الجذب للمساجد لا في مواضع النفور .
? النرجسية عن بعض أئمة المساجد وخطبائها انعكست سلباً على نمط إدارة كثير من دور العبادة ، وتسببت في نشوء كثير من المنازعات والصراعات في أروقتها ، وقللت من جاذبية الأنشطة المقامة داخلها ، ونفرت الناس من دخولها.
? من دلائل اتسام بعض أئمة المساجد بالنرجسية المفرطة وجود شريحة من المساجد تمر بعوائق حقيقية ، وخلافات كثيرة ، وعزوف واضح ، وهذا نتيجة انفراد وتسلط أئمتها بإدارتها وقراراتها ، والتي تصطدم في كثير من الأحيان بالمصالح الاجتماعية العامة.
? من دلائل اتسام بعض أئمة المساجد وخطبائها بالنرجسية المفرطة اعتقاد بعضهم أنهم في مقام التفضل على الناس كونهم متصديين لصلاة الجماعة والشؤون الدينية فيها ، والبعض الآخر يرى أن دوره مقتصراً على إقامة صلاة جماعة ، أو قراءة خطبة ، أو إقامة مجلس عزاء ، وهي نظرة قاصرة لا تنسجم مع مكانة رجل الدين وأهمية المساجد .
? من دلائل اتسام بعض أئمة المساجد بالنرجسية المفرطة أن يمثل بعضهم طرفاً في الصراعات والنزاعات الداخلية في أروقتها ، وهو مأخذ اجتماعي سلبي خطير لا ينسجم مع دور أئمة المساجد الريادي ومكانتهم الاجتماعية الذي أعطى ذرية عند البعض للنفور من المساجد.
? ما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي وأروقة المحاكم من قضايا وخلافات ونزاعات حدثت داخل أروقة المساجد يكون أئمتها أحد أطرافها ، لهو دليل واقعي على وجودها ونشوئها ، فعلى سبيل المثال لا الحصر : ماذا يعني أن يكون لمسجد واحد أربعة من القيومين يكون أحدهم إمام المسجد أو من ينوب عنه ؟!!.