شاهدت طفلا في أحدى المولات كان يصر على والديه لشراء لعبة الكترونية جديدة نزلت للتو في الأسواق وكان والديه يدفعان به الى غير تلك اللعبة أملا منهم في صرف نظره عنها دون جدوى، ثم تطلعت في نظرة واسعة الى أغلب أطفال عالمنا هذا الوقت وقد احتضنوا أجهزتهم الالكترونية في كل مكان يذهبون اليه، اللافت للانتباه أني كنت أتابع أحد مشاهير السناب وهي تتحدث الى ابنها وكيف كانت سفرتهم جميلة جدا فقط كان ينقصها وجوده بينهم حينها سألها ابنها هل كان في سفرتكم كلها (نت) قالت له نعم كان فيها فتعالت صرخاته لما لم تقولي لي بأن سفرتكم فيها (نت) لكنت سافرت معكم وأخذت (السوني) معي، نعم إنه واقع، كل البيوت تعيشه وكل الآباء يعانون منه فالأبناء وحتى الأطفال الصغار منهم يتحدثون دائما عن اللعبة الفلانية ومراحلها ونقاط حصلوا عليها وعن الجديد فيها، وأصبح همهم الأول هو النت وعالم الألعاب التكنولوجية فيه حتى أنهم فقدوا براة الطفولة المعتادة بين ضحكات ولعب وجري يتمنى كل شخص فينا أن يرى ابناه في تلك الحالة فلقد أصبح منظرهم فقط كالمومياء جامدين صامتين بين أيديهم أجهزة متحركة ناطقة.
جمال الطفولة يتوارى سريعا بعد أحضان هذه الأجهزة حيث لا تجد الأم متسعا لقبلاتها أو الأب لأحضانه، وحين يتحول ذلك الطفل الى كتلة منعزلة عن العالم الفعلي وينتقل الى العالم الافتراضي التخيلي تنعكس تبعاته على سلوكه ولغته وحتى مبادئه.
وحين يغيب النشاط الحركي عن أجسادهم ويغلب فقط النشاط الذهني تشيخ تلك الأجساد سريعا ففي عالم المعرفة توجيهات تعزز النشاط الحركي لدى الأطفال حيث تكسبهم مهارات تنمي ذواتهم وتربطهم بالعالم الحقيقي حولهم وتبني أجساد صحيحة معافاة لا سيما في مرحلة المراهقة وما بعدها وهنا قد يتساءل الآباء ما الحل؟ ونحن لا نستطيع السيطرة الفعلية على هذه التكنولوجيا وتقدمها السريع بين يدي أبناءنا؟
قد يقترح البعض استغلال هذه الأجهزة بطريقة ذكية وهي توجيه الأبناء الى الألعاب الحركية من خلالها وقد تعددت تلك البرامج بالفعل وربما تحتاج الى المزيد من الابتكارات والصناعات على مستوى يجعلهم يتحركون من مكانهم ويتواصلون مع أقرانهم أو افراد أسرتهم فهم بذلك يحققون مبتغاهم من عالم التكنولوجيا وفي نفس الوقت لا يبعدونهم عن الألعاب الحركية والتي مارسها أبناء الزمن السابق لهم، والتي من خلالها صقلت فيهم المواهب الكثيرة والمتنوعة فضلا عن اكتساب المعارف والثقافات المتعددة.
هي فقط عودة متطورة ذكية تبقي الأبناء في عالم التطور ولا ترجعهم الى عالم آخر لا يحبذونه، ولذا على الشركات المصنعة أن تكون أكثر ذكاء في صنع برامجها من أجل مصلحة الأبناء ولبناء جيل واعي ذهنيا وجسديا ينخرط في العالمين الواقعي والافتراضي ولا ينفصل عن المجتمع والحياة الاجتماعية فيه.