الجزء الأول
لغة الوفاء صفة إلهية ، وخلق نبوي ، وسمة إيمانية ، يلقيها الله في قلوب ممتلئة بالنقاء والصفاء ، كي تنشر في محيط حياتهم أريج المحبة والألفة ، وعطر المودة والإخاء .
? تعتبر لغة الوفاء من الصفات الحميدة التي أمر الله عباده المؤمنين أن يتحلوا بها ، ولذلك قال تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} .
? تعتبر لغة الوفاء أجمل صفات المؤمنين ، وأرقى خصال العارفين ، واسمى صفات المتقين ، وكنز ثمين لا يتلقفه إلا السعداء ، ولا يناله إلا الصالحين ، فعن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: الوفاء توأم الصدق ، ولا أعلم جنّة أوفى منه.
? يكفي أن لغة الوفاء من سمات المؤمنين المتقين ، فقال الله في ذلك : وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ .
? تعد لغة الوفاء من مستلزمات الإيمان والتقوى ، واختبار دقيق يخضع له السالكون في طريق رقيهم سلم التربية للذات .
? صفة الوفاء صفة خصها الإمام جعفر الصادق (ع) في شيعتهم فقال: شيعتنا أهل الورع والاجتهاد ، وأهل الوفاء والأمانة ، وأهل الزهد والعبادة ، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة ، القائمون بالليل ، الصائمون بالنهار ، يزكّون أموالهم ، ويحجّون البيت ، ويجتنبون كلّ محرّم.
? أول لغات الوفاء هي : لغة الوفاء مع الله بالعكوف على طاعته ، واجتناب معصيته ، وعدم اليأس من رحمته ، فمن أطاع ربه ، والتزم بشريعته ، وامتثل أمره ، واجتنب نهيه ، ووقف عند حدوده... كان من أهل الوفاء مع الله سبحانه .
? ثاني لغات الوفاء هي : لغة الوفاء لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، كونها تمثل حقاً من حقوقهم على مواليهم وشيعتهم ، ومن مصادقيها : المودة والوفاء والإخلاص والاتباع لهم ، والبراءة من أعدائهم .
? من سمات لغة الوفاء لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين زيارة مشاهدهم المشرفة ، والتسليم عليهم ، فقد ورد عن الإمام علي الرضا (ع): إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته ، وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه ، كان أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة.
? ثالث لغات الوفاء هي : لغة الوفاء مع الوالدين ، وهي لغة مستمرة لا تنحصر في الحياة ، بل حتى بعد الممات ، فيلزم أن يبذل الأبن عن والديه كل خير وصنيع حتى يزيد الله في حسناته ، أو يرفع عن كاهله السيئات.
? مما يؤكد أن لغة الوفاء مع الوالدين مستمرة في الدارين ، ما ورد عن الإمام محمد الباقر (ع) : إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما ثم يموتان ، فلا يقضي عنهما دينهما ، ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عز وجل عاقاً لهما في حياتهما غير بار بهما ، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل باراً» الكافي 2: 348.
? من الآثار الإيجابية للوفاء مع الوالدين في الدنيا هو : ما ورد النبي (ص) حيث يقول: من يضمن لي بر الوالدين وصلة الرحم أضمن له كثرة المال ، وزيادة العمر، والمحبة في العشيرة. مستدرك الوسائل 15: 176.
? من الآثار السلبية لقطيعة الوفاء مع الوالدين في الدنيا : أن يكتب الله الأبن من العاقين ، وتوعده بالخذلان والخزي ، وحرمانه من الرزق ، و سوء العاقبة التي يختم بها في آخر ساعة من الدنيا.