يحكى أن امرأة في ذات مدينة تسهر بسراجها إلى ظهور نور الفجر وكان سكان المدينة يتعجبون لهذه المرأة من أين لها المال الذي تشتري به ثمن زيت وقوده لساعات طويلة أطول مما هم يشعلون به أسرجتهم في وقت قل فيه المال من البلاد وزاد القحط واتفق الجميع على التقشف فقرر جمع من وجهاء تلك المدينة والمعروفين بلباقة الحديث سؤال تلك المرأة عن مصدر أموالها لعلهم يرشدون الى ما يغيب عنهم من فرص استثمار ووفرة مال.
وعندما اجتمعوا مع المرأة في صباح يوم ما، سألوها من أين لك ثمن الوقود الذي تستخدمينه لإشعال سراجك الى ساعات متأخرة من اليوم؟ ونحن في حال فقر وقحط كبيرين، فقالت لهم المرأة هذا من رزق الله.
تعجب الحاضرون من هذه الإجابة ولكنهم سرعان ما قالوا لها كل ما نحن فيه هو من رزق الله، ولكن أخبرينا عن طريقك اليه لعلنا نسلكه نحن أيضا فيرزقنا الله كما رزقك.
فقالت لهم قوموا بزيارتي الليلة بعد أن تطفئوا نور أسرجتكم وأنا أرشدكم الطريق، وبالفعل ما أن هدأت المدينة وأطفئت أسرجتها وغابت في سبات عميق حتى اجتمع مرة أخرى وجهاء المدينة وسلكوا طريق منزل المرأة، طرقوا الباب وكانت المفاجأة نسوة ورجال وجمع من أطفال بين أيديهم قراطيس وأقلام وكانت تلك المرأة تعلمهم على لوح وضعته على جدار غرفة في منزلها وسراجها يضيء للجميع.
رحبت بهم وقالت لهم انضموا إلى طالبي العلم هؤلاء حتى تتعلموا ما جئتم لأجله ونظرت إليهم مبتسمة وقالت: أليس هذا من رزق الله؟
تُعلمنا القصة الكثير من العِبر التي ينبغي على المرء اقتناص فرصها في سنين قاسية يعد فيها الاستثمار المالي واحد من أهم الركائز التي يعتمد عليها وقت الضيق، وتتنوع أنواع الذكاءات في هذه الحياة وعلى المرء أن يحسن التصرف بها في مواقعها المناسبة فالعواصف كثيرة واستراتيجيات صدها أو التقليل من آثارها وإن كانت صعبة إلا أنها أفضل بكثير من صعوبة لملمة الدمار الذي ستخلفه حال وقوعها، مودعة له الألم والحسرة والندامة على مالم يقم به من توظيف لفرص التعديل أو الابتكار.
وواحدة من أنواع الذكاءات التي يجب أن نستخدمها هي الذكاء الاقتصادي خصوصا في ظل غلاء المعيشة الذي نعيشه هذه السنوات وفي نفس الوقت كثرة المشاريع المطروحة والتي بإمكان المرء ربط علاقة بين مخرجات مشروعه وسقف الثورة الاقتصادية والعائد الاستثماري الربحي الذي سيعود اليه، مما يؤمن له حياة كريمة هانئة.
نسمع كثيرا بمعارض الأسر المنتجة وبوثبات الأفكار والفنون الاحترافية المتنوعة وكلها اعتنت بها هيئة الترفيه وطرحتها للمواطنين بشكل جميل ومشوق ولكن أدارتها بذكاء شخصنة الاستثمارات والنظرة الذاتية الاقتصادية المستقبلية، وما زالت الأفكار والمشاريع الذكية تتوارد على الساحة الاقتصادية ويديرها شباب طموح عرف كيف يوظف طاقاته ويبدع بها ويستغلها لصالحه وعرف كذلك كيف يستثمرها الاستثمار الذي يليق بحياته وحياة أبنائه لاحقاً.