رغم أن العمل التطوعي الفردي فطرة انسانية جُبل عليه الانسان في مساعدة الاخر سواء انسانا او حيوانا ونباتا فالدوافع الذاتيه تحرك المرء نحو المساعدة واصلاح العيب واكمال ما يراه ناقصا لكن هذا التطوع اخذ اسما آخر وهو العمل الاجتماعي المستمد من التوسع في مفاهيمه.
العمل التطوعي الاجتماعي مر بمراحل عديدة على شكل جماعات حتى وصل إلى العمل المؤسساتي الذي تقدم وما زال يتطور بحكم ما فرضه واقع الحياة اداريا واقتصاديا وتقنيا وتنمويا حتى صار للمنظمة الخيرية ثقافة تتكون من المبادئ والقيم والانظمة والاساليب الادارية التي تدار بها.
إدارة أي منظمة خيرية سواء جمعية أو مؤسسة ليس بالأمر اليسير فالإداري يصبح بين تجاذبات عديدة مثل المجتمع الذي يتكون من المستفيد والمشترك والداعم ماديا ومعنويا، اي تتكون ثلاث ثقافات تؤثر في المنظمة الخيرية، منها ثقافة الادارة التي تمارس التخطيط والتنفيذ المخولة رسميا ومدعومة بالقوانين والانظمة، وهناك ثقافة الجمهور المكون من الداعمين ماديا ومعنويا وثقافة المستفيدين وهم الفئة المستهدفة.
هذه الثقافات الثلاث المتباينة نسبيا تؤدي الى صعوبة العمل الاجتماعي في المنظمات الخيرية التي تعمل من خلال القيم والاسس والقوانين الداخلية والخارجية التي تتيح نطاقا محدودا للتحرك فيه بواسطة الأهداف، المعنيون في هذا النطاق هم اعضاء مجلس الادارة المنتخبين او المعينين والهيئة الادارية التنفيذية. اعضاء مجلس الادارة يقومون بالتخطيط واصدار القرارات وتقوم الادارة التنفيذية بتطبيق القرارات والأوامر، احيانا يحدث اختلافا بين التخطيط والتنفيذ بسبب التباين في مستويات التعليم والتفكير الاداري ما بين المخطط والمنفذ ينتج عنه بعض الخلل في تنفيذ البرامج والنشاطات.
الادارة العليا «اعضاء مجلس الادارة» لهم رؤية استراتيجية خاصة تنبع من ثقافتهم ومستوى مسئولياتهم الاجتماعية والمتابعة المباشرة من الجهة الرسمية ومن المجتمع في تنفيذ نشاطاتهم وبرامجهم، هنا يفرز ما يسمى بصراع الدور بين طموح العضو الذي يتمنى تحقيق ما يصبو اليه في دورته واثبات دوره الاجتماعي في تنمية مستدامة وتحويل الأهداف الرعوية إلى تنموية تفيد المستفيد، بإمكانيات محدودة.
كذلك المشتركون المنتسبون الفاعلون «اعضاء الجمعية العمومية» لهم نظرة مختلفة نسبيا مع اعضاء مجلس الادارة في الرؤية الاجتماعية ويشكلون ضغطا وعين رقابية من خلال التفاعل المستمر مع المنظمة سواء اكان بالدعم المادي او الاقتراحات بالخطط والنشاطات مما ينتج عنه تعارضا بين ما يطالب به المجتمع وبين رؤية مجلس الإدارة بسبب الأولويات والطموحات.
يجتهد مجلس الادارة في تحقيق برامج ونشاطات حسب الامكانيات لكن المجتمع المتفاعل ينظر من نافذة حرصه واهتمامه واحيانا من عدم المامه الكافي بشئون المنظمة، حتى أن المجتمع يحكم على اداء الجمعية حسب استجابة الاعضاء للنصح والاقتراحات التي يقدمها، لكن يبقى هذا الاختلاف محدودا مقارنة بما يطالب به المستفيد من أمور كثيرة يعتبرها حقا من جهة رسمية.
صراع الادوار والرقابة الاجتماعية أحد الاسباب الرئيسة في زهد الكثير من الطاقات الاجتماعية بالعمل التطوعي المؤسساتي وليس نفورا من الأعمال الاجتماعية الخيرية ذاتها بدليل ان الشخص يقدم للمجتمع ما يستطيعه من مساعدات ونجدة في الحالات الطبيعية والطارئة بعيدا عن القيود الرسمية.
اختلاف القيم الاجتماعية والادارية المكونة لثقافة المنظمات الخيرية والبيئات المحتضنة لها، تفرز صراعا في الرؤى والاهداف، لكن الادارة الناجحة من تستطيع التغلب على هذه الاختلافات وتحويل النقد السلبي إلى ايجابي بالتواصل مع الجمهور والبيئة المستفيدة وزيادة الشفافية ما بين المنظمة الخيرية والمجتمع.