كثيرة هي السرقات التي نسمع عنها بين الحين والآخر في أماكن متفرقة من العالم وفي مجتمعات متعددة ثرية وفقيرة على حد سواء فالحاجة والفقر عنوانان رئيسيان وبارزان من ضمن الكثير من العناوين المؤدية لحدوث السرقات وتفاقمها ولا رادع لهما الا من تسلح بسلاح الإيمان أو الورع والتقوى، هذه السرقات ان كتب لها أن يكتشف من قام بها فمصيره على أقل التقادير هو التأديب بالسجن لمدة محددة أو قطع اليد التي سرق بها إن تكرر منه ذلك وطُبق في شأنه حد الاسلام لمثل هذه الحالات.
توجد سرقات أخرى من نوع خاص لا يكون عقابها السجن أو قطع اليد وإنما تحتاج الى علاج قوي يستطيع أن يجتثها من جذورها وهي سرقة الهمم والذات، كثير من الأشخاص وخصوصا في مواقع العمل تردد عبارات سلبية على مسامع من حولها كالشعور بالملل والتذمر من طول فترات العمل أو التقليل من حجم تحقيق الأهداف وما الى ذلك فتجدهم يتذمرون طوال اليوم بمثل هذه العبارات، وفي علم النفس الحديث يقول علماؤه أن مثل هذه العبارات تنتقل بالعدوى الى من يسمعها وتؤثر فيه وفي عمله وما قد يصبو اليه، جرب أن تستمع الى زميل لك في العمل كثير التذمر ستجد نفسك تتذمر مثله تماما هؤلاء نسميهم سراق وما يقومون به في الحقيقة ما هي الا سرقة ولكنها من نوع خاص جداً لا عقاب لها في قانون العقوبات الجزائية ولا التشريعية والحل الوحيد لمثلهم هو إما الابتعاد عنهم أو تغير طريقة تفكيرهم وذلك بتوجيههم نحو الايجابية دائماً.
أتذكر في أحد الأيام زميلة لي كانت تفكر في وظيفة تملي عليها وقت فراغها وتحسن من معيشتهم المادية وعندما فكرت بصوت عال أمام أحداهن بذلك، سألتها جملة من الأسئلة ومنها (هل زوجك راضِ عن عملك؟ وهل ستوافقين على العمل 12 ساعة؟ وأطفالك أين ستذهبين بهم؟ وإن عدت للمنزل فمتى ستتمكنين من طبخ الأكل للعائلة؟ووووو) هل تعتقدون بعد هذا الكم من الأسئلة السلبية على تلك الانسانة يشجعها على الإقدام على الوظيفة؟ بالتأكيد (لا) فقد قلت همتها وانحدرت الى الأسفل وبدأت تفكر في كلام تلك المرأة وتحسب ألف حساب وحساب على حساب أهدافها التي كانت ترسم لها الفرص لتحقيقها.
سراق الهمم والعزيمة كثيرون ولكن يصنفون بأنهم أشخاص سلبيون غير محسوبين على المجتمع فالرؤية المستقبلية في بلادنا لا تحتاج الى أمثالهم بل تحتاج الى الأشخاص الايجابين المتفتحين التي تنطلق من مبدأ القدرة والاستطاعة وتحدي الصعاب (وصعود الجبال لا يأتي الا بتعالي الهمم) الكثير من الأمور المتوقفة على مبدأ اننا (لا نستطيع) وتتعلق سنوات طويلة على ذلك المبدأ والنتيجة هو التخلف والرجوع الى الوراء في حين نجد المجتمعات الأخرى تتقدم والأشخاص تتطور والذوات تنجح وتصنع منها قامات يشار اليها بالبنان.
بالأمس تناقلت الأخبار في وسائل التواصل الاجتماعي صور لأطفال سوريا في حلب وهم يصنعون من فجوة أحدثت في الأرض بسبب القصف وامتلائها بالماء بركة سباحة أعادت إليهم البسمة التي افتقدوها منذ أن ساد في بلادهم الدمار بسبب الحروب الجارية، مثل هذه الاقتناصات للفرص وتحويل (المحن الى منح) كلها دروس تعلمنا أن نطرد سُراق الهمم والعزائم من حولنا ونستبدلهم بالأشخاص الإيجابيين ونتعلم منهم كيف يعيشون وكيف يرتقون بأرواح جمليه سليمة خالية من أمراض العصر الوبائية الشرسة.
التعليقات 2
2 pings
غريبة بين البشر
2016-11-11 في 2:47 م[3] رابط التعليق
أحسنتي في طرح هذا الموضوع الجيد اتمنى ان يكون الكثير في مجتمعنا إيجابين
2016-11-14 في 8:44 ص[3] رابط التعليق
شكرا لحضورك بين أسطر مقالتي / نعم نتمنى من الجميع الايجابية.