الإسلام دين واقعي ينزل إلى مشاعر الناس وطباعهم الآدمية ويراعيها دون أنْ يشق عليها بمثاليات تعجز النفس . ولذلك لم يجعل الله العفو والتسامح شيئاً إلزامياً , بل جعله الله شيئاً اختيارياً , فهي فضيلة وليس فرضاً واجباً على العبد .. ولا يتعيَّن على المسلم فعل شيء إلا أن يوجبه الشرع عليه ، وليس في نصوص الشرع بحسب اعتقادي ما يوجب علينا مسامحة من أخطأ في حقنا ظلماً وعلوّاً.
,, ولكن ,,
إذا علم المسلم عظيم الأجر من الله على عفوه عمن ظلمه ، ومسامحته له وهو قادر على رد الإساءة ، تطلع إلى ذلك الأجر والثواب وعفا وسامح في حقه ، حتى ولو لم يكن العفو فرضا واجبا علينا في الأصل وخاصة في يوم سيأتي لا محالة سنكون فيه أحوج ما نحتاج إليه شي لحسنة نزيد فيها صحائفنا ، قال الله تعالى ( إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوء فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ) النساء/ 149.
وفي جعل أجر العافي على الله تهييج على العفو ، وأن يعامل العبدُ الخلقَ بما يحب أن يعامله الله به ، فكما يحب أن يعفو الله عنه فليعف عنهم ، وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم ؛ فإن الجزاء من جنس العمل. والعفْوُ من صفات العزة , لأن العفوَ هو أن تترُكَ معاقبةَ كلِّ من يستحق العقوبة وأنت قادر على عقوبته،
يقول الامام امير المؤمنين على بن ابي طالب (ع) "" أعقل الناس اعذرهم للناس ويقول الامام الصادق (ع) "" لان اندم على العفو خير من ان اندم على العقوبة ، ومخطئ من يظن ان هذه الصفة تعني الضعف والانكسار.
ولتأصيل مبدأ التسامح في انفسنا علينا أن نرى نور الله في كل من حولنا مهما يكن سلوكهم معنا ،ولنعلم ونتيقن ان قرار عدم التسامح يعني اننا اخترنا لأنفسنا قرار المعاناة