حين قتل العباس صاح الحسين (الآن إنكسر ظهري)
وكانت كلماته قد ضجت بها ملائكة السموات.
ولكن عندما قتل ولده الأكبر (علي) صاح بأبي وأمي (على الدنيا بعدك العفى)
فلم يبقى متسع لا في الأرض ولا في السماء لضجيج أو نحيب لأن الظلام قد غطى الكون كله، فكأن السراج الذي كان يضيئه انطفئ فجأة فأوأد تلك الحياة ولم يعد لها وجود بعد ذلك.
ما أقسى الألم حين يضرب وجعه أعماق الروح وما أوجعه حين يأخذ معه فلذات الأكباد فلا يعودون.
علي لم يكن الولد الوحيد للحسين ولم يكن هو فقط الأحب الى قلبه، فكل عياله اليه أحباب، لكن كانت لعلي سمات جده المصطفى في الخِلقة والخُلق، وشجاعة حيدرة في الوثب على أعداء الدين والانسانية،
لم يٌقتل على يد عدوٍ واحد، بل تحاوشته الأعداء من كل جانب، عجبآ أيها الُمهر لما أخذت به الى معسكر الأعداء حين ضربوه بسهامهم الغادرة لما سهلت عليهم التمثيل بجسده المبارك، لما سمحت لهم أن يطعنوا الطعنة على الطعنة والضربة على الضربة حتى مزقوا جسده قطعة قطعة.
أيصبر قلب والد على هكذا جرم بحق ولده؟
أتصبر أم حين ترى ولدها ممزق جسده؟
أتصبر أخوة أو عمات حين ترى ذبول الشباب أمام أعينهم؟
لا والله قد يفجع في مقتلهم حتى الصبرُ
ولكن لله دركم وصبركم آل البيت
علمونا كيف تصبرون حين تألمون
وعلمونا كيف للحق بأنفسكم و بأبنائكم تضحون
وعلمونا نهجكم وعلمكم وشجاعتكم ضد الغادرون
ولأن الغدر مازال يلوح في سماءنا...
والأعداء تحيط بنا....
كم علي نحتاج حتى نتغلب عليهم...
وكم قلب كقلب الحسين نحتاج حتى نصبر......
حين يقتلونهم على فراقهم.